ولا يكون تمييز الاستفهامية إلّا مفردا ، خلافا للكوفيين.
الخامس : أن تمييز الخبريّة واجب الخفض ، وتمييز الاستفهاميّة منصوب ، ولا يجوز جرّه مطلقا خلافا للفرّاء والزجاج وابن السرّاج وآخرين ، بل يشترط أن تجر «كم» بحرف جرّ ، فحينئذ يجوز في التمييز وجهان : النصب وهو الكثير ، والجرّ خلافا لبعضهم ، وهو بـ «من» مضمرة وجوبا ، لا بالإضافة خلافا للزجّاج.
وتلخص أن في جرّ تمييزها أقوالا : الجواز ، والمنع ، والتّفصيل ، فإن جرّت هي بحرف جرّ نحو : «بكم درهم اشتريت» جاز وإلّا فلا.
وزعم قوم أن لغة تميم جواز نصب تمييز «كم» الخبريّة إذا كان الخبر مفردا ، وروي قول الفرزدق [من الكامل] :
٩٩ ـ كم عمّة لك يا جرير وخالة |
|
فدعاء قد حلبت عليّ عشاري |
بالخفض على قياس تمييز الخبرية ، وبالنصب على اللغة التميميّة ، أو على تقديرها استفهامية استفهام تهكّم ، أي : أخبرني بعدد عمّاتك وخالاتك اللّاتي كنّ يخدمنني فقد نسيته ، وعليهما فـ «كم» : مبتدأ خبره «قد حلبت» وأفرد الضمير حملا على لفظ «كم» ، وبالرفع على أنه مبتدأ وإن كان نكرة لكونه قد وصف بـ «لك» وب «فدعاء» محذوفة مدلول عليها بالمذكورة ؛ إذ ليس المراد تخصيص «الخالة» بوصفها بـ «الفدع» كما حذف «لك» من صفة «خالة» استدلالا عليها بـ «لك» الأولى ، والخبر «قد حلبت» ولا بدّ من تقدير : قد حلبت أخرى ؛ لأن المخبر عنه في هذا الوجه متعدد لفظا ومعنى ، ونظيره : «زينب وهند قامت» ، و «كم» على هذا الوجه : ظرف أو مصدر ، والتمييز محذوف ، أي : كم وقت أو حلبة.
* (كأيّ): اسم مركّب من كاف التشبيه و «أيّ» المنوّنة ، ولذلك جاز الوقف عليها بالنون ؛ لأن التنوين لما دخل في التركيب أشبه النون الأصلية ، ولهذا رسم في المصحف نونا ، ومن وقف عليها بحذفه اعتبر حكمه في الأصل وهو الحذف في الوقف.
وتوافق «كأي» «كم» في خمسة أمور : الإبهام ، والافتقار إلى التمييز ، والبناء ، ولزوم