١٣٤ ـ كي تجنحون إلى سلم وما ثئرت |
|
قتلاكم ولظى الهيجاء تضطرم؟ (١) |
وهو اسم ، لدخول الجارّ عليه بلا تأويل في قولهم : «على كيف تبيع الأحمرين» ، ولإبدال الاسم الصّريح منه نحو : «كيف أنت؟ أصحيح أم سقيم؟» وللإخبار به مع مباشرته الفعل في نحو : «كيف كنت؟» فبالإخبار به انتفت الحرفيّة ، وبمباشرة الفعل انتفت الفعليّة.
وتستعمل على وجهين :
أحدهما : أن تكون شرطا : فتقتضي فعلين متّفقي اللفظ والمعنى ، غير مجزومين ، نحو : «كيف تصنع أصنع» ، ولا يجوز : «كيف تجلس أذهب» باتّفاق ، ولا «كيف تجلس أجلس» بالجزم عند البصريين إلا قطربا ، لمخالفتها لأدوات الشرط بوجوب موافقة جوابها لشرطها كما مرّ. وقيل : يجوز مطلقا ، وإليه ذهب قطرب والكوفيّون. وقيل : يجوز بشرط اقترانها بـ «ما». قالوا : ومن ورودها شرطا (يُنْفِقُ كَيْفَ يَشاءُ) [المائدة : ٦٤] ، (يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحامِ كَيْفَ يَشاءُ) [آل عمران : ٦] ، (فَيَبْسُطُهُ فِي السَّماءِ كَيْفَ يَشاءُ) [الروم : ٤٨] ، وجوابها في ذلك كلّه محذوف لدلالة ما قبلها ، وهذا يشكل على إطلاقهم أنّ جوابها يجب مماثلته لشرطها.
والثاني ، وهو الغالب فيها : أن تكون استفهاما ، إمّا حقيقيّا نحو : «كيف زيد» أو غيره ، نحو : (كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللهِ) [البقرة : ٢٨] الآية ، فإنه أخرج مخرج التعجّب.
وتقع خبرا قبل ما لا يستغني ، نحو : «كيف أنت» و «كيف كنت» ومنه «كيف ظننت زيدا» ، و «كيف أعلمته فرسك» ، لأن ثاني مفعولي «ظنّ» وثالث مفعولات «أعلم» خبران في الأصل ، وحالا قبل ما يستغني ، نحو : «كيف جاء زيدا؟» أي : على أي حالة جاء زيد. وعندي أنّها تأتي في هذا النوع مفعولا مطلقا أيضا ، وأن منه : (كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ) [الفيل : ١] إذ المعنى : أيّ فعل فعل ربك ، ولا يتّجه فيه أن يكون حالا من الفاعل ، ومثله : (فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ) [النساء : ٤١] أي : فكيف إذا جئنا من كلّ أمّة بشهيد يصنعون ، ثم حذف عاملها مؤخرا عنها وعن «إذا» ، كذا قيل ؛ والأظهر أن يقدر بين «كيف» و «إذا» ، وتقدّر «إذا» خالية عن معنى الشّرط ؛ وأما (كَيْفَ وَإِنْ يَظْهَرُوا
__________________
(١) البيت من البحر البسيط ، وهو بلا نسبة في الجنى الداني ص ٢٦٥ ، وجواهر الأدب ص ٢٣٣ ، وخزانة الأدب ٧ / ١٠٦ ، والدرر ٣ / ١٣٥.