فإنه ضرورة نادرة ؛ وأجاز ابن الأنباري إضافتها إلى المفرد بشرط تكريرها نحو : «كلاي وكلاك محسنان» ؛ وأجاز الكوفيّون إضافتها إلى النكرة المختصّة نحو : «كلا رجلين عندك محسنان» ، فإنّ «رجلين» قد تخصّصا بوصفهما بالظرف. وحكوا «كلتا جاريتين عندك مقطوعة يدها» أي : تاركة للغزل.
ويجوز مراعاة لفظ «كلا» و «كلتا» في الإفراد نحو : (كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَها) [الكهف : ٣٣] ، ومراعاة معناهما ، وهو قليل ، وقد اجتمعا في قوله [من البسيط]:
١٣١ ـ كلاهما حين جدّ السّير بينهما |
|
قد أقلعا ، وكلا أنفيهما رابي (١) |
ومثل أبو حيان لذلك بقول الأسود بن يعفر [من الكامل] :
١٣٢ ـ إنّ المنيّة والحتوف ، كلاهما |
|
يوفي المنيّة ، يرقبان سوادي (٢) |
وليس بمتعيّن ، لجواز كون «يرقبان» خبرا عن المنية والحتوف ، ويكون ما بينهما إما خبرا أول أو اعتراضا ، ثم الصواب في إنشاده «كلاهما يوفي المخارم» ؛ إذ لا يقال إن المنية توفي نفسها.
وقد سئلت قديما عن قول القائل : «زيد وعمرو كلاهما قائم ، أو كلاهما قائمان» أيّهما الصّواب؟ فكتبت : إن قدّر كلاهما توكيدا قيل : «قائمان» ، لأنه خبر عن «زيد» و «عمرو» ؛ وإن قدر مبتدأ فالوجهان ، والمختار الإفراد ؛ وعلى هذا فإذا قيل : «إنّ زيدا وعمرا» فإن قيل «كليهما» قيل : «قائمان» أو «كلاهما» فالوجهان ؛ ويتعيّن مراعاة اللفظ في نحو : «كلاهما محبّ لصاحبه» لأن معناه كل منهما. وقوله [من الطويل] :
١٣٣ ـ كلانا غنيّ عن أخيه حياته |
|
ونحن إذا متنا أشدّ تغانيا (٣) |
* (كيف) : ويقال فيه «كي» كما يقال في «سوف» : «سو» ، قال [من البسيط] :
__________________
(١) البيت من البحر البسيط ، وهو للفرزدق في أسرار العربية ص ٢٨٧ ، وتخليص الشواهد ص ٦٦ ، والخصائص ٣ / ٣١٤ ، والدرر ١ / ١٢٢ ، وهو للفرزدق أو لجرير في لسان العرب ٩ / ١٥٦ مادة (سكف) وبلا نسبة في الإنصاف ص ٤٤٧ ، والخزانة ٤ / ٢٩٩.
(٢) البيت من البحر الكامل ، وهو للأسود بن يعفر في ديوانه ص ٢٦ ، وخزانة الأدب ٧ / ٥٧٥ ، شرح شواهد المغني ٢ / ٥٥٣.
(٣) البيت من البحر الطويل ، وهو للأبيرد الرياحي في الأغاني ١٣ / ١٢٧ ، ولعبد الله بن معاوية بن جعفر في الحماسة الشجرية ١ / ٢٥٣ وللمغيرة بن حبناء التيمي في الدرر ٥ / ٢٤ ، ولعبد الله بن معاوية أو للأبيرد الرياحي في شرح شواهد المغني ٢ / ٥٥٥ ، وبل نسبة في أوضح المسالك ٣ / ١٣٨.