وأوجب ابن عصفور في «يا لي» أن يكون مستغاثا من أجله ، لأنه لو كان مستغاثا به لكان التّقدير : يا أدعو لي ، وذلك غير جائز في غير باب «ظننت» و «فقدت» و «عدمت» ؛ وهذا لازم له ، لا لابن جني ، لما سأذكره بعد.
ومن العرب من يفتح اللام الدّاخلة على الفعل ويقرأ : (وَما كانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ) [الأنفال : ٣٣] وللام الجارّة اثنان وعشرون معنى :
أحدها : الاستحقاق ، وهي الواقعة بين معنى وذات ، نحو : (الْحَمْدُ لِلَّهِ) [الفاتحة : ٢] وغيرها كثير ، و «العزة لله» ، و «الملك لله» ، و «الأمر لله» ، ونحو : (وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ) (١) [المطففون : ١] ، و (لَهُمْ فِي الدُّنْيا خِزْيٌ) [البقرة : ١١٤ والمائدة : ٤١] ، ومنه «للكافرين النار» أي عذابها.
والثاني : الاختصاص ، نحو : «الجنة للمؤمنين» ، و «هذا الحصير للمسجد» ، و «المنبر للخطيب» ، و «السّرج للدابّة» ، و «القميص للعبد» ، ونحو (إِنَّ لَهُ أَباً) [يوسف : ٧٨] ، (فَإِنْ كانَ لَهُ إِخْوَةٌ) [النساء : ١١] ، وقولك : «هذا الشعر لحبيب» ، وقولك : «أدم لك ما تدوم لي».
والثالث : الملك : نحو : (ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ) [البقرة : ٢٥٥] وغيرها ، وبعضهم يستغني بذكر الاختصاص عن ذكر المعنيين الآخرين ، ويمثل له بالأمثلة المذكورة ونحوها ، ويرجّحه أنّ فيه تقليلا للاشتراك ، وأنه إذا قيل : «هذا المال لزيد والمسجد» لزم القول بأنها للاختصاص مع كون «زيد» قابلا للملك ، لئلا يلزم استعمال المشترك في معنييه دفعة ، وأكثرهم يمنعه.
الرابع : التمليك ، نحو : «وهبت لزيد دينارا».
الخامس : شبه التمليك ، نحو : (جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً) [النحل : ٧٢ والشورى : ١١].
السادس : التعليل ، كقوله [من الطويل] :
١٣٨ ـ ويوم عقرت للعذارى مطيّتي |
|
[فيا عجبا من كورها المتحمّل](١) |
وقوله تعالى : (لِإِيلافِ قُرَيْشٍ) (١) [قريش : ١] وتعلّقها بـ «فليعبدوا» ؛ وقيل : بما
__________________
(١) البيت من البحر الطويل ، وهو لامرىء القيس في ديوانه ص ١١ ، وشرح شواهد المغني ٢ / ٥٥٨ ، وتهذيب اللغة ١ / ٢١٨ ، وبلا نسبة في رصف المباني ص ٣٤٩ ـ ٤٤٧.