«أن» مضمرة أو بـ «كي» المصدريّة مضمرة خلافا للسيرافي وابن كيسان ، ولا باللّام بطريق الأصالة خلافا لأكثر الكوفيّين ، ولا بها لنيابتها عن «أن» خلافا لثعلب ؛ ولك إظهار «أن» فتقول : «جئتك لأن تكرمني» ، بل قد يجب ، وذلك إذا اقترن الفعل بـ «لا» نحو : (لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ) [البقرة : ١٥٠] ، لئلّا يحصل الثقل بالتقاء المثلين.
فرع
أجاز أبو الحسن أن يتلقّى القسم بلام «كي» ، وجعل منه (يَحْلِفُونَ بِاللهِ لَكُمْ لِيُرْضُوكُمْ) [التوبة : ٦٢] ، فقال : المعنى ليرضنّكم ، قال أبو علي : وهذا عندي أولى من أن يكون متعلقا بـ «يحلفون» ، والمقسم عليه محذوف ، وأنشد أبو الحسن [من الطويل] :
١٤١ ـ إذا قلت قدني قال بالله ، حلفة |
|
لتغني عنّي ذا إنائك أجمعا (١) |
والجماعة يأبون هذا ؛ لأنّ القسم إنما يجاب بالجملة ، ويروون البيت «لتغننّ» بفتح اللام ، ونون التوكيد ، وذلك على لغة فزارة في حذف آخر الفعل لأجل النّون إن كان ياء تلي كسرة كقوله [من البسيط] :
١٤٢ ـ وابكن عيشا تقضّى بعد جدّته |
|
طابت أصائله في ذلك البلد (٢) |
وقدّروا الجواب محذوفا واللام متعلّقة به ، أي : ليكون كذا ليرضوكم ، ولتشربنّ لتغني عني.
السابع : توكيد النفي ، وهي الداخلة في اللفظ على الفعل مسبوقة بـ «ما كان» أو بـ «لم يكن» ناقصتين مسندتين لما أسند إليه الفعل المقرون باللام ، نحو : (وَما كانَ اللهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ) [آل عمران : ١٧٩] ، (لَمْ يَكُنِ اللهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ) [النساء : ١٣٧] ، ويسمّيها أكثرهم لام الجحود لملازمتها للجحد أي النّفي. قال النحاس : والصواب تسميتها لام النفي ، لأن الجحد في اللغة إنكار ما تعرفه ، لا مطلق الإنكار ، ا ه.
ووجه التّوكيد فيها عند الكوفيّين أن أصل «ما كان ليفعل» : ما كان يفعل ، ثمّ أدخلت اللام زيادة لتقوية النفي ، كما أدخلت الباء في «ما زيد بقائم» ، لذلك ؛ فعندهم أنّها حرف زائد مؤكّد ، غير جارّ ، ولكنّه ناصب ، ولو كان جارّا لم يتعلّق عندهم بشيء
__________________
(١) البيت من البحر الطويل ، وهو بلا نسبة في أساس البلاغة مادة (ضلع).
(٢) البيت من البحر البسيط ، وهو بلا نسبة في خزانة الأدب ١١ / ٤٣٥ ، والدرر ٥ / ١٧٠ ، وشرح شواهد المغني ٢ / ٥٦١.