لزيادته ، فكيف به وهو غير جارّ؟ ووجهه عند البصريّين أن الأصل ما كان قاصدا للفعل ، ونفي القصد أبلغ من نفيه ، ولهذا كان قوله [من الكامل] :
١٤٣ ـ يا عاذلاتي لا تردن ملامتي |
|
إنّ العواذل لسن لي بأمير (١) |
أبلغ من «لا تلمنني» لأنه نهي عن السّبب ، وعلى هذا فهي عندهم حرف جرّ متعلّق بخبر «كان» المحذوف ، والنصب بـ «أن» مضمرة وجوبا.
وزعم كثير من الناس في قوله تعالى : (وَإِنْ كانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبالُ) [إبراهيم : ٤٦] ، في قراءة غير الكسائي بكسر اللام الأولى وفتح الثانية ، أنّها لام الجحود.
وفيه نظر ؛ لأنّ النافي على هذا غير «ما» و «لم» ، ولاختلاف فاعلي «كان» و «تزول» ، والذي يظهر لي أنها لام «كي» ، وأنّ «إن» شرطية ، أي : وعند الله جزاء مكرهم وهو مكر أعظم منه ، وإن كان مكرهم لشدّته معدّا لأجل زوال الأمور العظام المشبهة في عظمها بالجبال ، كما تقول : أنا أشجع من فلان وإن كان معدّا للنوازل.
وقد تحذف «كان» قبل لام الجحود كقوله [من الوافر] :
١٤٤ ـ فما جمع ليغلب جمع قومي |
|
مقاومة ، ولا فرد لفرد (٢) |
أي : فما كان جمع ، وقول أبي الدّرداء رضياللهعنه في الرّكعتين بعد العصر : «ما أنا لأدعهما».
والثامن : موافقة «إلى» ، نحو قوله تعالى : (بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحى لَها) (٥) [الزلزلة : ٥] ، (كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى) [الرعد : ٢] ، (وَلَوْ رُدُّوا لَعادُوا لِما نُهُوا عَنْهُ) [الأنعام : ٢٨].
والتاسع : موافقة «على» في الاستعلاء الحقيقي ، نحو : (وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ) [الإسراء : ١٠٩] ، (دَعانا لِجَنْبِهِ) [يونس : ١٢] ، (وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ) [الصافات : ١٠٣] ، وقوله [من الطويل] :
١٤٥ ـ [ضممت إليه بالسّنان قميصه] |
|
فخرّ صريعا لليدين وللفم (٣) |
والمجازي ، نحو : (وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَها) [الإسراء : ٧] ، ونحو قوله عليه الصلاة والسّلام
__________________
(١) البيت من البحر الكامل ، وهو بلا نسبة في الخصائص ٣ / ١٧٤ ، وشرح شواهد المغني ٢ / ٥٦١.
(٢) البيت من البحر الوافر ، وهو بلا نسبة في الأشباه والنظائر ٤ / ١١٠ ، تذكرة النحاة ص ٥٦٠ ، وشرح شواهد المغني ٢ / ٥٢٦.
(٣) البيت من البحر الطويل ، وهو لمالك الأشتر في فصل المقال ص ٣١٣.