واختلف في اللام من نحو : (يُرِيدُ اللهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ) [النساء : ٢٦] ، (وَأُمِرْنا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعالَمِينَ) [الأنعام : ٧١] ، وقول الشاعر [من الطويل] :
١٥٦ ـ أريد لأنسى ذكرها ، فكأنّما |
|
تمثّل لي ليلى بكلّ سبيل (١) |
فقيل : زائدة ، وقيل : للتّعليل ؛ ثم اختلف هؤلاء ، فقيل : المفعول محذوف ، أي : يريد الله التبيين ليبيّن لكم ويهديكم : أي ليجمع لكم بين الأمرين ، وأمرنا بما أمرنا به لنسلم ، وأريد السلوّ لأنسى. وقال الخليل وسيبويه ومن تابعهما : الفعل في ذلك كله مقدّر بمصدر مرفوع بالابتداء ، واللام وما بعدها خبر ، أي : إرادة الله للتّبيين ، وأمرنا للإسلام ، وعلى هذا فلا مفعول للفعل.
ومنها اللام المسمّاة بالمقحمة ، وهي المعترضة بين المتضايفين ، وذلك في قولهم : «يا بؤس للحرب» ، والأصل : يا بؤس الحرب ، فأقحمت تقوية للاختصاص ، قال [من مجزوء الكامل] :
١٥٧ ـ يا بؤس للحرب الّتي |
|
وضعت أراهط فاستراحوا (٢) |
وهل انجرار ما بعدها بها أو بالمضاف؟ قولان ، أرجحهما الأوّل ، لأن اللام أقرب ، ولأن الجارّ لا يعلّق.
ومن ذلك قولهم : «لا أبا لزيد ، ولا أخا له ، ولا غلامي له» على قول سيبويه إن اسم «لا» مضاف لما بعد اللام ، وأما على قول من جعل اللام وما بعدها صفة وجعل الاسم شبيها بالمضاف لأن الصفة من تمام الموصوف ، وعلى قول من جعلهما خبرا وجعل «أبا» و «أخا» على لغة من قال [من الرجز] :
١٥٨ ـ إنّ أباها وأبا أباها |
|
[قد بلغا في المجد غايتاها](٣) |
وقولهم : «مكره أخاك لا بطل» ، وجعل حذف النون على وجه الشذوذ ، كقوله [من الرجز] :
__________________
(١) البيت من البحر الطويل ، وهو لكثير عزة في ديوانه ص ١٠٨ ، والأغاني ٤ / ٢٦٧ ـ ٢٦٨ ، وخزانة الأدب ١٠ / ٣٢٩ وبلا نسبة في رصف المباني ص ٢٤٦ واللامات ص ١٣٨.
(٢) البيت من مجزوء الكامل ، وهو لسعد بن مالك في خزانة الأدب ١ / ٤٦٨ ـ ٤٧٣ ، والمؤتلف المختلف ١٣٤ ، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر ٤ / ٣٠٧ ، وجواهر الأدب ص ٢٤٣.
(٣) البيت من الرجز ، وهو لابن الوردي في خزانة الأدب ٢ / ٣٣٦ ، وبلا نسبة في سر صناعة الإعراب ٢ / ٧٠٥ ، ووفيات الأعيان ٥ / ٤١٣.