بيضك ثنتا وبيضي مائتا
فاللام للاختصاص ، وهي متعلّقة باستقرار محذوف.
ومنها اللام المسمّاة لام التقوية ، وهي المزيدة لتقوية عامل ضعف : إما بتأخّره نحو : (هُدىً وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ) [الأعراف : ١٥٤] ، ونحو : (إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّءْيا تَعْبُرُونَ) [يوسف : ٤٣] ، أو بكونه فرعا في العمل ، نحو : (مُصَدِّقاً لِما مَعَهُمْ) [البقرة : ٩١] ، (فَعَّالٌ لِما يُرِيدُ) [البروج : ١٦ ، وهود : ١٠٧] ، (نَزَّاعَةً لِلشَّوى) (١٦) [المعارج : ١٦] ، وقوله [من الطويل] :
١٥٩ ـ إذا ما صنعت الزّاد فالتمسي له |
|
أكيلا ، فإنّي لست آكلة وحدي (١) |
وفيه نظر ؛ لأن «عدوا» و «أكيلا» ـ وإن كانا بمعنى «معاد» و «مؤاكل» ـ لا ينصبان المفعول ، لأنهما موضوعان للثّبوت ، وليسا مجاريين للفعل في التحرّك والسكون ، ولا محوّلان عمّا هو مجاز له ، لأن التحويل إنما هو ثابت في الصّيغ التي يراد بها المبالغة ، وإنما اللّام في البيت للتعليل ، وهي متعلّقة بـ «التمسي» ، وفي الآية متعلّقة بمستقر محذوف صفة لـ «عدو» ، وهي للاختصاص.
وقد اجتمع التأخّر والفرعيّة في : (وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شاهِدِينَ) [الأنبياء : ٧٨] ، وأما قوله تعالى : (نَذِيراً لِلْبَشَرِ) (٣٦) [المدثر : ٣٦] ، فإن كان «النذير» بمعنى «المنذر» فهو مثل (فَعَّالٌ لِما يُرِيدُ) [البروج : ١٦] ، وإن كان بمعنى «الإنذار» فاللام مثلها في «سقيا لزيد» وسيأتي.
قال ابن مالك : ولا تزاد لام التّقوية مع عامل يتعدّى لاثنين ، لأنها إن زيدت في مفعوليه فلا يتعدّى فعل إلى اثنين بحرف واحد ؛ وإن زيدت في أحدهما لزم ترجيح من غير مرجّح ، وهذا الأخير ممنوع ، لأنه إذا تقدّم أحدهما دون الآخر وزيدت اللام في المقدّم لم يلزم ذلك. وقد قال الفارسي في قراءة من قرأ : (وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيها) [البقرة : ١٤٨] بإضافة «كلّ» : إنه من هذا ، وإن المعنى : الله مولّ كلّ ذي وجهة وجهته ، والضمير على هذا للتّولية ، وإنما لم يجعل كلّا والضمير مفعولين ، ويستغني عن حذف ذي ووجهته لئلّا يتعدّى العامل إلى الضمير وظاهره معا ؛ ولهذا قالوا في الهاء من قوله [من البسيط] :
__________________
(١) البيت من البحر الطويل ، وهو لحاتم الطائي في ديوانه ص ٢٩٥ ، وشرح شواهد المغني ٢ / ٥٨٥ ، ولقيس بن عاصم المنقري في الأغاني ١٤ / ٦٥ ، وبلا نسبة في لسان العرب ١٤ / ٣٠١ مادة (رأي).