وفي المفعول الثاني لـ «أرى» في قول بعضهم «أراك لشاتمي» ، ونحو ذلك. قيل: وفي مفعول «يدعو» من قوله تعالى : (يَدْعُوا لَمَنْ ضَرُّهُ أَقْرَبُ مِنْ نَفْعِهِ) [الحج : ١٣] وهذا مردود ، لأنّ زيادة هذه اللام في غاية الشّذوذ فلا يليق تخريج التنزيل عليه. ومجموع ما قيل في اللام في هذه الآية قولان : أحدهما هذا ، وهو أنّها زائدة ، وقد بينّا فساده ؛ والثاني أنها لام الابتداء ، وهو الصّحيح. ثم اختلف هؤلاء ، فقيل : إنها مقدّمة من تأخير ، والأصل : يدعو من لضرّه أقرب من نفعه ، فـ «من» : مفعول ، و «ضره أقرب» : مبتدأ وخبر ، والجملة صلة لمن ؛ وهذا بعيد ، لأنّ لام الابتداء لم يعهد فيها التقدّم عن موضعها. وقيل : إنها في موضعها ، وإن «من» مبتدأ ، و «لبئس المولى» خبرها ، لأن التقدير : لبئس المولى هو ، وهو الصّحيح ؛ ثم اختلف هؤلاء في مطلوب «يدعو» على أربعة أقوال :
أحدها : أنها لا مطلوب لها ، وأنّ الوقف عليها ، وأنها إنما جاءت توكيدا لـ «يدعو» في قوله : (يَدْعُوا مِنْ دُونِ اللهِ ما لا يَضُرُّهُ وَما لا يَنْفَعُهُ) [الحج : ١٢] ، وفي هذا القول دعوى خلاف الأصل مرّتين ؛ إذ الأصل عدم التوكيد ، والأصل أن لا يفصل المؤكّد من توكيده ولا سيّما في التوكيد اللفظيّ.
والثاني : أنّ مطلوبه مقدّم عليه ، وهو : (ذلِكَ هُوَ الضَّلالُ) [الحج : ١٢] على أن ذلك موصول ، وما بعده صلة وعائد ، والتقدير : يدعو الذي هو الضلال البعيد ؛ وهذا الإعراب لا يستقيم عند البصريين ، لأنّ «ذا» لا تكون عندهم موصولة إلّا إذا وقعت بعد «ما» أو «من» الاستفهاميّتين.
والثالث : أنّ مطلوبه محذوف ، والأصل يعدوه ، والجملة حال ، والمعنى : ذلك هو الضّلال البعيد مدعوّا.
والرابع : أن مطلوبه الجملة بعده ، ثم اختلف هؤلاء على قولين : أحدهما : أن «يدعو» بمعنى «يقول» ، والقول يقع على الجمل. والثاني : أن «يدعو» ملموح فيه معنى فعل من أفعال القلوب. ثم اختلف هؤلاء على قولين : أحدهما : أن معناه «يظنّ» لأن أصل «يدعو» معناه يسمّي ، فكأنه قال : يسمّي من ضرّه أقرب من نفعه إلها ، ولا يصدر ذلك عن يقين اعتقاد ، فكأنه قيل : يظنّ ، وعلى هذا القول فالمفعول الثاني محذوف كما قدّرنا ؛ والثاني : أن معناه يزعم ، لأن الزعم قول مع اعتقاد.
ومن أمثلة اللام الزائدة قولك : «لئن قام زيد أقم ، أو فأنا أقوم» ، أو «أنت ظالم لئن