وجوابه أن «لو» إنّما دخلت على فعل محذوف مقدّر بعد «لو» تقديره : تودّ لو ثبت أن بينها.
وأورد ابن مالك السؤال في (فَلَوْ أَنَّ لَنا كَرَّةً) [الشعراء : ١٠٢] وأجاب بما ذكرنا ، وبأن هذا من باب توكيد اللّفظ بمرادفه نحو : (فِجاجاً سُبُلاً) [الأنبياء : ٣١] ، والسؤال في الآية مدفوع من أصله ، لأن «لو» فيها ليست مصدرية ، وفي الجواب الثاني نظر ، لأن توكيد الموصول قبل مجيء صلته شاذّ كقراءة زيد بن علي : (وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ) [البقرة : ٢١] بفتح الميم.
والرابع : أن تكون للتمنّي ، نحو «لو تأتيني فتحدّثني» قيل : ومنه (فَلَوْ أَنَّ لَنا كَرَّةً) [الشعراء : ١٠٢] أي : فليت لنا كرة ، ولهذا نصب «فتكون» في جوابها كما انتصب (فَأَفُوزَ) في جواب ليت في (يا لَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ) [النساء : ٧٣] ولا دليل في هذا ، لجواز أن يكون النصب في «فتكون» مثله في (إِلَّا وَحْياً أَوْ مِنْ وَراءِ حِجابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً) [الشورى : ٥١] وقول ميسون [من الوافر] :
٢٣٦ ـ ولبس عباءة وتقرّ عيني |
|
أحبّ إليّ من لبس الشّفوف (١) |
واختلف في «لو» هذه ؛ فقال ابن الضّائع وابن هشام : هي قسم برأسها لا تحتاج إلى جواب كجواب الشرط ، ولكن قد يؤتى لها بجواب منصوب كجواب «ليت». وقال بعضهم : هي «لو» الشرطية أشربت معنى التمنّي ، بدليل أنهم جمعوا لها بين جوابين ، جواب منصوب بعد الفاء ، وجواب باللام ، كقوله [من الوافر] :
٢٣٧ ـ فلو نبش المقابر عن كليب |
|
فيخبر بالذّنائب أيّ زير |
٢٣٨ ـ بيوم الشّعثمين لقرّ عينا |
|
وكيف لقاء من تحت القبور؟ (٢) |
وقال ابن مالك : هي «لو» المصدرية أغنت عن فعل التمني ، وذلك أنه أورد قول الزمخشري : وقد تجيء «لو» في معنى التمنّي في نحو : «لو تأتيني فتحدثني» ، فقال : إن أراد أن الأصل : «وددت لو تأتيني فتحدثني» ، فحذف فعل التمنّي لدلالة «لو» عليه ، فأشبهت «ليت» في الإشعار بمعنى التمنّي فكان لها جواب كجوابها فصحيح ، أو أنها
__________________
(١) البيت من البحر الوافر ، وهو لميسون بنت بحدل في خزانة الأدب ٨ / ٥٠٣ ، والدرر ٤ / ٩٠ ولسان العرب مادة (مسن) ، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر ٤ / ٦٧٧ ، وأوضح المسالك ٤ / ١٩٢.
(٢) البيتان من الوافر ، وهما للمهلهل بن ربيعة في ديوانه ص ١٦٩ ، وجمهرة اللغة ص ٣٠٦ ـ ٧١٢ وخزانة الأدب ١١ / ٣٠٥ ، وبلا نسبة في الجنى الداني ص ٢٨٩.