٢٨١ ـ ولبس عباءة وتقرّ عيني |
|
[أحبّ إليّ من لبس الشّفوف](١) |
* * * *
(لن) : حرف نصب ونفي واستقبال ، وليس أصله وأصل «لم» «لا» ، فأبدلت الألف نونا في «لن» وميما في «لم» خلافا للفراء ؛ لأن المعروف إنما هو إبدال النون ألفا لا العكس ، نحو : (لَنَسْفَعاً) [العلق : ١٥] و (لَيَكُوناً) [يوسف : ٣٢] ؛ ولا أصل «لن» : «لا أن» فحذفت الهمزة تخفيفا والألف للساكنين خلافا للخليل والكسائي ، بدليل جواز تقديم معمول معمولها عليها ، نحو : «زيدا لن أضرب» ، خلافا للأخفش الصّغير ، وامتناع نحو : «زيدا يعجبني أن تضرب» خلافا للفرّاء ، ولأنّ الموصول وصلته مفرد ، و «لن أفعل» كلام تام ، وقول المبرّد إنه مبتدأ حذف خبره أي لا الفعل واقع مردود بأنه لم ينطق به مع أنه لم يسد شيء مسدّه ، بخلاف نحو «لولا زيد لأكرمتك» وبأن الكلام تامّ بدون المقدّر ، وبأنّ «لا» الدّاخلة على الجملة الاسمية واجبة التكرار إذا لم تعمل ، ولا التفات له في دعوى عدم وجوب ذلك ، فإنّ الاستقراء يشهد بذلك.
ولا تفيد «لن» توكيد النفي خلافا للزمخشري في كشّافه ، ولا تأبيده خلافا له في أنموذجه ، وكلاهما دعوى بلا دليل ، قيل : ولو كانت للتأبيد لم يقيد منفيّها باليوم في (فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا) [مريم : ٢٦] ، ولكان ذكر «الأبد» في : (وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَداً) [البقرة : ٩٥] تكرارا ، والأصل عدمه.
وتأتي للدّعاء كما أتت «لا» لذلك وفاقا لجماعة منهم ابن عصفور ؛ والحجّة في قوله [من الخفيف] :
٢٨٢ ـ لن تزالوا كذالكم ثمّ لا زل |
|
ت لكم خالدا خلود الجبال (٢) |
وأما قوله تعالى : (قالَ رَبِّ بِما أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيراً لِلْمُجْرِمِينَ) (١٧) [القصص : ١٧] فقيل : ليس منه ، لأن فعل الدّعاء لا يسند إلى المتكلّم ، بل إلى المخاطب أو الغائب ، نحو : «يا ربّ لا عذّبت فلانا» ، ونحو : «لا عذّب الله عمرا» ا ه. ويرده قوله :
__________________
(١) تقدم تخريجه.
(٢) البيت من الخفيف ، وهو للأعشى في ديوانه ص ٦٣ ، والدرر ٢ / ٤٢ ، وشرح شواهد المغني ٢ / ٦٨٤ وبلا نسبة في تذكرة النحاة ص ٦٨ ، وشرح الأشموني ٣ / ٥٤٨.