٣١٥ ـ فتلك ولاة السّوء قد طال مكثهم، |
|
فحتّام حتّام العناء المطوّل (١) |
وربما تبعت الفتحة الألف في الحذف ، وهو مخصوص بالشعر ، كقوله [من الرمل]:
٣١٦ ـ يا أبا الأسود لم خلفتني |
|
لهموم طارقات وذكر (٢) |
وعلّة حذف الألف الفرق بين الاستفهام والخبر ؛ فلهذا حذفت في نحو : (فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْراها) (٤٣) [النازعات : ٤٣] ، (فَناظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ) [النمل : ٣٥] ، (لِمَ تَقُولُونَ ما لا تَفْعَلُونَ) [الصف : ٢] ، وثبتت في (لَمَسَّكُمْ فِيما أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذابٌ عَظِيمٌ) [النور : ١٤] ، (يُؤْمِنُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ) [البقرة : ٤] ، (ما مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِما خَلَقْتُ بِيَدَيَ) [ص : ٧٥] ، وكما لا تحذف الألف في الخبر لا تثبت في الاستفهام ، وأما قراءة عكرمة وعيسى عما يتساءلون [النبأ : ١] فنادر ، وأما قول حسان [من الوافر] :
٣١٧ ـ على ما قام يشتمني لئيم |
|
كخنزير تمرّغ في دمان (٣) |
فضرورة ، والدمان كالرماد وزنا ومعنى ، ويروى «في رماد» فلذلك رجحته على تفسير ابن الشجري له بالسرجين ، ومثله قول الآخر [من البسيط] :
٣١٨ ـ إنّا قتلنا بقتلانا سراتكم ، |
|
أهل اللّواء ، ففيما يكثر القيل (٤) |
ولا يجوز حمل القراءة المتواترة على ذلك لضعفه ؛ فلهذا ردّ الكسائي قول المفسّرين في (بِما غَفَرَ لِي رَبِّي) [يس : ٢٧] إنها استفهامية ، وإنما هي مصدريّة ، والعجب من الزمخشري إذ جوّز كونها استفهاميّة مع ردّه على من قال في (بِما أَغْوَيْتَنِي) [الحجر : ٣٩] إن المعنى : بأي شيء أغويتني ، بأن إثبات الألف قليل شاذّ ، وأجاز هو وغيره أن تكون بمعنى : الذي ، وهو بعيد ؛ لأن الذي غفر له هو الذنوب ، ويبعد إرادة الاطّلاع عليها ، وإن غفرت. وقال جماعة منهم الإمام فخر الدين في : (فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ اللهِ) [آل عمران : ١٥٩] إنها للاستفهام التعجّبي ، أي : فبأيّ رحمة ، ويردّه ثبوت الألف ، وأن خفض «رحمة»
__________________
(١) البيت من الطويل ، وهو للكميت في الدرر ٦ / ٤٦ ، وشرح شواهد المغني ٢ / ٧٠٩ وليس في ديوانه ، وبلا نسبة في الدرر ٤ / ٧٣ ، وشرح الأشموني.
(٢) البيت من الرمل ، وهو بلا نسبة في الإنصاف ١ / ٢١١ ، وخزانة الأدب ٦ / ١٠٠ ، والدرر ٦ / ٣١٠ ، وشرح المغني ٢ / ٧٠٩.
(٣) البيت من الوافر ، وهو بلا نسبة في مجمل اللغة ٣ / ٢٦٨ ، ومقاييس اللغة ٣ / ٣٤٥.
(٤) البيت من البسيط ، وهو لكعب بن مالك في ديوانه ص ٢٥٥ ، وخزانة الأدب ٦ / ١٠١ ـ ١٠٥ وتاج العروس مادة / لوي /.