محذوف ، وقال الأخفش : «ما» معرفة ، وجوابه أنه قد يقدر «ما» نكرة موصوفة ، أو يكون قد رجع إلى قول سيبويه في «لا رجل قائم» إن ارتفاع الخبر بما كان مرتفعا به ، لا بـ «لا» النافية ؛ وفي الهيتيات للفارسي «إذا قيل : «قاموا لا سيما زيد» ، فـ «لا» مهمل ، و «سي» حال ، أي : قاموا غير مماثلين لزيد في القيام» ، ويردّه صحّة دخول الواو ، وهي لا تدخل على الحال المفردة ، وعدم تكرار «لا» ، وذلك واجب مع الحال المفردة ، وأما من نصبه فهو تمييز ثم قيل : «ما» نكرة تامة مخفوضة بالإضافة ، فكأنه قيل : ولا مثل شيء ، ثم جيء بالتمييز ، وقال الفارسي : «ما» حرف كافّ لـ «سيّ» عن الإضافة ، فأشبهت الإضافة في «على التّمرة مثلها زيدا» ؛ وإذا قلت : «لا سيّما زيد» ، جاز جرّ «زيد» ورفعه ، وامتنع نصبه.
وزيدت قبل الخافض كما في قول بعضهم : «ما خلا زيد ، وما عدا عمرو» بالخفض ، وهو نادر.
وتزاد بعد أداة الشرط ، جازمة كانت ، نحو : (أَيْنَما تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ) [النساء : ٧٨] ، (وَإِمَّا تَخافَنَ) [الأنفال : ٥٨] ، أو غير جازمة ، نحو : (حَتَّى إِذا ما جاؤُها شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ) [فصلت : ٢٠] ، وبين المتبوع وتابعه في نحو : (مَثَلاً ما بَعُوضَةً) [البقرة : ٢٦]. قال الزجّاج : «ما» حرف زائد للتوكيد عند جميع البصريين ، ا ه ، ويؤيّده سقوطها في قراءة ابن مسعود و «بعوضة» بدل ؛ وقيل : «ما» اسم نكرة صفة لـ «مثلا» أو بدل منه ، و «بعوضة» عطف بيان على «ما». وقرأ رؤبة برفع «بعوضة» ، والأكثرون على أن «ما» موصولة ، أي : الذي هو بعوضة ، وذلك عند البصريّين والكوفيّين على حذف العائد مع عدم طول الصلة ، وهو شاذّ عند البصريّين قياس عند الكوفيّين. واختار الزمخشري كون «ما» استفهامية مبتدأ ، و «بعوضة» خبرها ، والمعنى : أي شيء البعوضة فما فوقها في الحقارة.
وزادها الأعشى مرّتين في قوله [من البسيط] :
٣٥٥ ـ إمّا ترينا حفاة لا نعال لنا ، |
|
إنّا كذلك ما نخفى وننتعل (١) |
وأمية بن أبي الصلت ثلاث مرات في قوله [من الخفيف] :
__________________
(١) البيت من البسيط ، وهو للأعمش في ديوانه ص ١٠٩ ، والأزهية ص ٨٠ ـ ١٤٣ ، وخزانة الأدب ١١ / ٣٥١ ، وشرح شواهد المغني ٢ / ٧٢٦.