واختلف في «من» الداخلة على «قبل» و «بعد» ؛ فقال الجمهور : لابتداء الغاية ، وردّ بأنها لا تدخل عندهم على الزّمان كما مر ، وأجيب بأنهما غير متأصّلين في الظرفيّة وإنما هما في الأصل صفتان للزّمان ، إذ معنى «جئت قبلك» : جئت زمنا قبل زمن مجيئك ؛ فلهذا سهل ذلك فيهما ؛ وزعم ابن مالك أنها زائدة ، وذلك مبنيّ على قول الأخفش في عدم الاشتراط لزيادتها.
* * *
مسألة
(كُلَّما أَرادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْها مِنْ غَمٍ) [الحج : ٢٢] ، «من» الأولى للابتداء والثانية للتعليل ، وتعلّقها بـ «أرادوا» أو بـ «يخرجوا» ، أو للابتداء فـ «الغم» بدل اشتمال ، وأعيد الخافض ، وحذف الضمير ، أي : من غم فيها.
* * *
مسألة
(مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ مِنْ بَقْلِها) [البقرة : ٦١]
«من» الأولى للابتداء ، والثانية إمّا كذلك فالمجرور بدل بعض وأعيد الجار ، وإمّا لبيان الجنس فالظّرف حال والمنبت محذوف ، أي مما تنبته كائنا من هذا الجنس.
مسألة
(وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ شَهادَةً عِنْدَهُ مِنَ اللهِ) [البقرة : ١٤٠] ، «من» الأولى مثلها في «زيد أفضل من عمرو» ، و «من» الثانية للابتداء على أنها متعلّقة باستقرار مقدّر ، أو بالاستقرار الذي تعلّقت به «عند» ، أي شهادة حاصلة عنده مما أخبر الله به ، قيل : أو بمعنى «عن» ، على أنها متعلّقة بـ «من» على جعل كتمانه على الأداء الذي أوجبه الله كتمانه عن الله ، وسيأتي أن (كَتَمَ) لا يتعدّى بـ «من».
* * *
مسألة
(لَتَأْتُونَ الرِّجالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّساءِ) [الأعراف : ٨١ والنمل : ٥٥] ، «من» للابتداء والظرف صفة لـ «شهوة» ، أي : شهوة مبتدأة من دونهم ، قيل : أو للمقابلة كـ «خذ هذا