محذوف ؛ ويجوز على قول الكوفيّين في زيادة الأسماء كون «ذا» زائدة ، و «من» مفعولا ، وظاهر كلام جماعة أنه يجوز في «من ذا لقيت» أن تكون «من» و «ذا» مركّبتين كما في قولك : «ماذا صنعت» ، ومنع ذلك أبو البقاء في مواضع من إعرابه ، وثعلب في أماليه وغيرهما ، وخصوا جواز ذلك بـ «ماذا» ؛ لأن «ما» أكثر إبهاما ، فحسن أن تجعل مع غيرها كشيء واحد ؛ ليكون ذلك أظهر لمعناها ، ولأن التركيب خلاف الأصل ، وإنما دلّ عليه الدليل مع «ما» وهو قولهم : «لما جئت» بإثبات الألف.
وموصولة في نحو : (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ) [الحج : ١٨].
ونكرة موصوفة ، ولهذا دخلت عليها «ربّ» في قوله [من الرمل] :
٣٧١ ـ ربّ من أنضجت غيظا قلبه |
|
قد تمنّى لي موتا لم يطع (١) |
ووصفت بالنكرة في نحو قولهم : «مررت بمن معجب لك» ، وقال حسان رضياللهعنه [من الكامل] :
٣٧٢ ـ فكفى بنا فضلا على من غيرنا |
|
حبّ النّبيّ محمّد إيّانا (٢) |
ويروى برفع «غير» ؛ فيحتمل أن «من» على حالها ، ويحتمل الموصوليّة ، وعليهما فالتقدير : على من هو غيرنا ، والجملة صفة أو صلة ، وقال الفرزدق [من البسيط] :
٣٧٣ ـ إنّي وإيّاك ، إذ حلّت بأرحلنا ، |
|
كمن بواديه بعد المحل ممطور (٣) |
أي : كشخص ممطور بواديه.
وزعم الكسائي أنها لا تكون نكرة إلّا في موضع يخصّ النكرات ، وردّ بهذين البيتين ، فخرّجهما على الزيادة ، وذلك شيء لم يثبت كما سيأتي.
وقال تعالى : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللهِ) [البقرة : ٨] فجزم جماعة بأنها موصوفة
__________________
(١) البيت من الرمل ، وهو لسويد ين أبي كاهل في الأغاني ١٣ / ٩٨ ، وخزانة الأدب ٦ / ١٢٣ ـ ١٢٥ ، والدرر ١ / ٣٠٢ ، وشرح شواهد المغني ٢ / ٤٧٠ ، وبلا نسبة في شرح الأشموني ٢ / ٧٠ ، وتاج العروس مادة / من /.
(٢) البيت من الكامل ، وهو لكعب بن مالك في ديوانه ص ٢٨٩ ، وخزانة الأدب ٦ / ١٢٠ ـ ١٢٣ ، والدرر ٣ / ٧ ، ولبشير بن عبد الرحمن في لسان العرب مادة / مثنى / ولحسان بن ثابت في الأزهية ص ١٠١.
(٣) البيت من البسيط ، وهو للفرزدق في الأزهية ص ١٠٢ ، وخزانة الأدب ٦ / ١٢٣ ، وشرح أبيات سيبويه ١ / ٤٩٣ ، وشرح شواهد المغني ٢ / ٧٤١.