فقيل : بمعنى «من» ، وقال ابن سيده : بمعنى «وسط».
* * * *
(منذ ، ومذ) ، لهما ثلاث حالات :
إحداها : أن يليهما اسم مجرور ، فقيل : هما اسمان مضافان ، والصحيح أنهما حرفا جرّ : بمعنى «من» إن كان الزمان ماضيا ، وبمعنى «في» إن كان حاضرا ، وبمعنى «من» و «إلى» جميعا إن كان معدودا ، نحو : «ما رأيته مذ يوم الخميس ، أو منذ يومنا ، أو عامنا ؛ أو مذ ثلاثة أيام».
وأكثر العرب على وجوب جرّهما للحاضر ، وعلى ترجيح جرّ «منذ» للماضي على رفعه ، وترجيح رفع «مذ» للماضي على جرّه ، ومن الكثير في «منذ» قوله [من الطويل] :
٩٤ ـ [قفا نبك من ذكرى حبيب وعرفان] ، |
|
وربع عفت آثاره منذ أزمان (١) |
ومن القليل في «مذ» قوله [من الكامل] :
٣٩٥ ـ [لمن الدّيار بقنّة الحجر] |
|
أقوين مذ حجج ومذ دهر (٢) |
والحالة الثانية : أن يليهما اسم مرفوع ، نحو : «مذ يوم الخميس ، ومنذ يومان» فقال المبرّد وابن السرّاج والفارسي : مبتدآن ، وما بعدهما خبر ، ومعناهما الأمد إن كان الزمان حاضرا أو معدودا ، وأول المدّة إن كان ماضيا. وقال الأخفش والزجّاج والزجّاجي : ظرفان مخبر بهما عمّا بعدهما ، ومعناهما «بين وبين» مضافين ، فمعنى «ما لقيته مذ يومان» بيني وبين لقائه يومان ؛ ولا خفاء بما فيه من التعسّف. وقال أكثر الكوفيّين : ظرفان مضافان لجملة حذف فعلها ، وبقي فاعلها ، والأصل : مذ كان يومان ، واختاره السهيلي وابن مالك. وقال بعض الكوفيّين : خبر لمحذوف ، أي : ما رأيته من الزمان الذي هو يومان ، بناء على أن «مذ» مركّبة من كلمتين «من» و «ذو» الطائيّة.
__________________
ص ٩٩ ، وخزانة الأدب ٧ / ٩٧ ـ ٩٩ ، وبلا نسبة في أوضح المسالك ٣ / ٦ والجنى الداني ص ٤٣ ـ ٥٠٥ ، وجواهر الأدب ص ٤٧ ـ ٣٧٨.
(١) البيت من الطويل ، وهو لامرىء القيس في ديوانه ص ٨٩ ، والدرر ٣ / ١٤٢ ، وشرح التصريح ٢ / ١٧ ، وشرح شواهد المغني ١ / ٣٧٤ ، وبلا نسبة في أوضح المسالك ٣ / ٤٩.
(٢) البيت من الكامل ، وهو لزهير بن أبي سلمى في ديوانه ص ٦٨ ، والأزهية ص ٢٨٣ ، والأغاني ٦ / ٨٦ ، والإنصاف ١ / ٣٧١ وخزانة الأدب ٩ / ٤٣٩.