وقوله [من الوافر] :
٤٠٩ ـ وما أدري وظنّي كلّ ظنّ |
|
أمسلمني إلى قومي شراجي (١) |
يريد : شراحيل ، وزعم هشام أن الذي في «أمسلمني» ونحوه تنوين لا نون ، وبنى ذلك على قوله في «ضاربني» أن الياء منصوبة ، ويردّه قول الشاعر [من الطويل] :
٤١٠ ـ وليس الموافيني ليرفد خائبا |
|
فإنّ له أضعاف ما كان أمّلا (٢) |
وفي الحديث : «غير الدّجّال أخوفني عليكم» والتنوين لا يجامع الألف واللام ، ولا اسم التّفضيل ، لكونه غير متصرّف ، وما لا ينصرف لا تنوين فيه ؛ وفي الصحاح أنه يقال : «بجلي» ولا يقال : «بجلني» ، وليس كذلك.
* * * *
(نعم) بفتح العين ، وكنانة تكسرها ، وبها قرأ الكسائي ، وبعضهم يبدلها حاء ، وبها قرأ ابن مسعود ، وبعضهم يكسر النون إتباعا لكسرة العين تنزيلا لها منزلة الفعل في قولهم : «نعم» و «شهد» بكسرتين ، كما نزّلت «بلى» منزلة الفعل في الإمالة ؛ والفارسيّ لم يطلع على هذه القراءة وأجازها بالقياس.
وهي حرف تصديق ووعد وإعلام ؛ فالأول بعد الخبر كـ «قام زيد» ، و «ما قام زيد» ؛ والثاني بعد «افعل» و «لا تفعل» ، وما في معناهما ، نحو : «هلّا تفعل» و «هلّا لم تفعل» ، وبعد الاستفهام في نحو : «هل تعطيني؟» ، ويحتمل أن تفسر في هذا بالمعنى الثالث ؛ والثالث بعد الاستفهام في نحو : «هل جاءك زيد؟» ونحو : (فَهَلْ وَجَدْتُمْ ما وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا) [الأعراف : ٤٤] ، (أَإِنَّ لَنا لَأَجْراً) [الشعراء : ٤١] ، وقول صاحب المقرب : «إنها بعد الاستفهام للوعد» غير مطّرد لما بيّناه قبل.
قيل : وتأتي للتّوكيد إذا وقعت صدرا ، نحو : «نعم هذه أطلالهم» ، والحق أنها في ذلك حرف إعلام ، وأنها جواب لسؤال مقدّر ؛ ولم يذكر سيبويه معنى الإعلام ألبتة ، بل قال : وأما «نعم» فعدة وتصديق ، وأما «بلى» فيوجب بها بعد النفي ، وكأنه رأى أنه إذا
__________________
(١) البيت من البحر الوافر ، وهو ليزيد بن محرم (أو محمد) الحارثي في شرح شواهد المغني ٢ / ٧٧٠ والدرر ١ / ٢١٢ ، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر ٣ / ٢٤٣ ، وتذكرة النحاة ص ٤٢٢.
(٢) البيت من الطويل ، وهو بلا نسبة في الأشباه والنظائر ٧ / ١٥ ، والدرر ١ / ٢١٣ ، وشرح الأشموني ١ / ٥٧ ، والمقاصد النحوية ١ / ٣٨٧.