تنبيهان ـ الأول : ما فسّرت به الجملة الكبرى هو مقتضى كلامهم ، وقد يقال : كما تكون مصدّرة بالمبتدأ تكون مصدّرة بالفعل ، نحو : «ظننت زيدا يقوم أبوه».
الثاني : إنّما قلت : «صغرى» و «كبرى» موافقة لهم ، وإنما الوجه استعمال «فعلى أفعل» بـ «أل» أو بالإضافة ؛ ولذلك لحّن من قال [من البسيط] :
٤٦٩ ـ كأنّ صغرى وكبرى من فقاقعها |
|
حصباء درّ على أرض من الذّهب (١) |
وقول بعضهم إن «من» زائدة وإنهما مضافان على حدّ قوله [من المنسرح] :
٤٧٠ ـ [يا من رأى عارضا أسرّ به] |
|
بين ذراعي وجبهة الأسد (٢) |
يردّه أنّ الصّحيح أن «من» لا تقحم في الإيجاب ، ولا مع تعريف المجرور ، ولكن ربما استعمل أفعل التّفضيل الذي لم يرد به المفاضلة مطابقا مع كونه مجردا ، قال [من الطويل] :
٤٧١ ـ إذا غاب عنكم أسود العين كنتم |
|
كراما ، وأنتم ما أقام ألائم (٣) |
أي : لئام ، فعلى هذا يتخرّج البيت ، وقول النحويّين : جملة صغرى وكبرى وكذلك قول العروضيين : فاصلة صغرى ، وفاصلة كبرى.
وقد يحتمل الكلام الكبرى ، وغيرها. ولهذا النوع أمثلة :
أحدها : نحو (أَنَا آتِيكَ بِهِ) [النمل : ٣٩] إذ يحتمل (آتِيكَ) أن يكون فعلا مضارعا ومفعولا ، وأن يكون اسم فاعل ومضافا إليه مثل (وَإِنَّهُمْ آتِيهِمْ عَذابٌ) [هود : ٧٦] ، (وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيامَةِ فَرْداً) (٩٥) [مريم : ٩٦] ، ويؤيّده أن أصل الخبر الإفراد ، وأن حمزة يميل الألف من (آتِيكَ ،) وذلك ممتنع على تقدير انقلابها من الهمزة.
الثاني : نحو : «زيد في الدّار» إذ يحتمل تقدير «استقرّ» وتقدير «مستقرّ».
__________________
(١) البيت من البسيط ، وهو للأخطل في ديوانه ص ١٦٩ ، ولسان العرب ١١ / ٤٥٤ مادة / عطل / وتهذيب اللغة ٢ / ١٦٧.
(٢) البيت من المنسرح ، وهو للفرزدق في ديوانه ص ٢١٥ ، وخزانة الأدب ٢ / ٣١٩ ، وشرح شواهد المغني ٢ / ٧٩٩ ، وشرح المفصل ٣ / ٢١ ، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر ١ / ١٠٠ ، وخزانة الأدب ١٠ / ١٨٧.
(٣) البيت من البحر الطويل ، وهو للفرزدق في شرح التصريح ٢ / ١٠٢ ، وشرح شواهد المغني ٢ / ٧٩٩ ، والمقاصد النحوية ٤ / ٥٧ ، وليس في ديوانه ، وتاج العروس مادة (عين) ، وبلا نسبة في خزانة الأدب ٨ / ٢٧٧ ، وهمع الهوامع ٢ / ١٣٣.