وتعلّق «على» هذه بما قبلها عند من قال به كتعلّق «حاشا» بما قبلها عند من قال به ؛ لأنها أو صلت معناه إلى ما بعدها على وجه الإضراب والإخراج ، أو هي خبر لمبتدأ محذوف ، أي : والتحقيق على كذا ؛ وهذا الوجه اختاره ابن الحاجب ، قال : ودلّ على ذلك أن الجملة الأولى وقعت على غير التحقيق ، ثم جيء بما هو التحقيق فيها.
والثاني من وجهي «على» : أن تكون اسما بمعنى «فوق» ، وذلك إذا دخلت عليها «من» كقوله [من الطويل] :
١٥ ـ غدت من عليه بعد ما تمّ ظمؤها |
|
[تصلّ وعن قيض ببيداء مجهل] |
______________________________________________________
وتعلق على هذه) المفيدة للاستدراك والإضراب (بما قبلها كتعلق حاشا بما قبلها عند من قال به ؛ لأنها أوصلت معناه إلى ما بعدها على وجه الإضراب والإخراج) وينبغي للمصنف أن يقول : بأن على هذه لا تتعلق بشيء كما قال بذلك في حاشا بناء على أنها لا توصل معنى الفعل إلى الاسم ، بل تزيله عنه وهو عكس معنى التعدية ، وقد أسلفنا رده في خلا (وهي) ومجروها (خبر لمبتدأ محذوف أي : والتحقيق على كذا ، وهذا الوجه اختاره ابن الحاجب قال : ودل على ذلك أن الجملة الأولى وقعت على غير التحقيق ، ثم جيء بما هو التحقيق فيها.
والثاني من وجهي على أن تكون اسما بمعنى فوق) وهل هي في هذه الحال معربة أو مبنية؟ حكى ابن قاسم فيها خلافا وجزم ابن الحاجب ببنائها قال : لحصول مقتضى البناء وهو مشابهة الحرف في لفظه ، وأصل معناه والدليل على صحة ذلك الحكم ببناء عن إذا وقعت اسما ، فلو كانت على معربة لوجب أن تكون عن معربة عند وقوعها اسما ، قلت : للمخالف أن يفرق بأن في عن مشابهة الحرف في الوضع ، لكونه وضع على حرفين فبنيت لذلك لا لما ذكره ، بخلاف على قال : وأيضا فلو كانت معربة في الاسمية لوجب أن تبقى ألفها في قولك : من عليه فتقول : من علاه كما تقول : من رجاه ، وإنما يقلبون الألف في الآخر فيما ثبت أنه غير متمكن كقولك : لديه وعليه وإليه ، وأما المتمكن فلم يأت عنهم قلب ألفه ياء في مثل قولك : من رجاه ومن عصاه (وذلك إذا دخلت عليها من كقوله) يصف قطّاة :
(غدت من عليه بعد ما تم ظمؤها) |
|
تصل وعن قيض ببيداء مجهل (١) |
__________________
(١) البيت من البحر الطويل ، وهو لمزاحم العقيلي في ديوانه ص ١١ ، وأدب الكاتب ص ٥٠٤ ، وخزانة الأدب ١٠ / ١٤٧ ، وبلا نسبة في أسرار العربية ص ١٠٣ ، والأشباه والنظائر ٣ / ١٢. ا ه. انظر : المعجم المفصل في شواهد اللغة العربية ٦ / ٥٦٢.