والمعارض فيهنّ الواو ، فإنها لا تعترض بين الموصوف وصفته ، خلافا للزمخشريّ ومن وافقه.
والثالث : ما يمنعهما معا ، نحو : (وَحِفْظاً مِنْ كُلِّ شَيْطانٍ مارِدٍ (٧) لا يَسَّمَّعُونَ) [الصافات : ٧ ـ ٨] ، وقد مضى البحث فيها.
والرابع : ما يمتنع أحدهما دون الآخر ولو لا المانع لكانا جائزين ، وذلك نحو : «ما جاءني أحد إلّا قال خيرا» ، فإن جملة القول كانت قبل وجود «إلّا» محتملة للوصفية والحالية ، ولما جاءت «إلّا» امتنعت الوصفية. ومثله (وَما أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا لَها مُنْذِرُونَ) (٢٠٨) [الشعراء : ٢٠٨] ، وأما (وَما أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا وَلَها كِتابٌ مَعْلُومٌ) (٤) [الحجر : ٤] فللوصفيّة مانعان الواو و «إلّا» ؛ ولم ير الزمخشري وأبو البقاء واحدا منهما مانعا ، وكلام النحويين بخلاف ذلك ؛ وقال الأخفش : لا تفصل «إلّا» بين الموصوف وصفته ، فإن قلت : «ما جاءني رجل إلا راكب» فالتقدير : إلا رجل راكب ، يعني أن «راكبا» صفة لبدل محذوف ، قال : وفيه قبح ، لجعلك الصفة كالاسم ، يعني في إيلائك إيّاها العامل ؛ وقال الفارسيّ ؛ لا يجوز «ما مررت بأحد إلا قائم» فإن قلت : «إلا قائما» جائز ، ومثل ذلك قوله [من الطويل] :
٥٥٦ ـ وقائلة تخشى عليّ : أظنّه |
|
سيودي به ترحاله وجعائله (١) |
فإن جملة «تخشى عليّ» حال من الضمير في «قائلة» ، ولا يجوز أن يكون صفة لها ؛ لأن اسم الفاعل لا يوصف قبل العمل ، والله أعلم.
__________________
(١) البيت من الطويل ، وهو بلا نسبة في شرح شواهد المغني ٢ / ٨٤٢.