تعالى : (وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ فِي الزُّبُرِ) (٥٢) [القمر : ٥٢] ، فإنه صفة لـ «كلّ» أو لـ «شيء» ، ولا يصحّ أن يكون حالا من «كل» مع جواز الوجهين في نحو : «أكرم كلّ رجل جاءك» لعدم ما يعمل في الحال ؛ ولا يكون خبرا ، لأنهم لم يفعلوا كل شيء ، ونظيره قوله تعالى : (لَوْ لا كِتابٌ مِنَ اللهِ سَبَقَ) [الأنفال : ٦٨] ، يتعيّن كون (سَبَقَ) صفة ثانية ، لا حالا من الكتاب ، لأن الابتداء لا يعمل في الحال ، ولا الضّمير المستتر في الخبر المحذوف ، لأن أبا الحسن حكى أن الحال لا يذكر بعد «لو لا» كما لا يذكر الخبر ؛ ولا يكون خبرا ، لما أشرنا إليه ، ولا ينقض الأول بقوله : «لولا رأسك مدهونا» ، ولا الثاني بقول الزبير رضياللهعنه [من الطويل] :
٥٥٤ ـ ولو لا بنوها حولها لخبطتها |
|
[كخبطة عصفور ولم أتلعثم](١) |
لندورهما ، وأما قول ابن الشجري في (وَلَوْ لا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ) [النور : ١٠] : إن «عليكم» خبر ، فمردود ، بل هو متعلّق بالمبتدأ ، والخبر محذوف.
القيد الرابع : انتفاء المانع ، والمانع أربعة أنواع :
أحدها : ما يمنع حاليّة كانت متعيّنة لو لا وجوده ، ويتعيّن حينئذ الاستئناف ، نحو : «زارني زيد سأكافئه» ، أو «لن أنسى له ذلك» فإن الجملة بعد المعرفة المحضة حال ، ولكن السين و «لن» مانعان ، لأن الحاليّة لا تصدّر بدليل استقبال ؛ وأما قول بعضهم في (وَقالَ إِنِّي ذاهِبٌ إِلى رَبِّي سَيَهْدِينِ) (٩٩) [الصافات : ٩٩] : إن (سَيَهْدِينِ) حال كما تقول «سأذهب مهديّا» فسهو.
والثاني : ما يمنع وصفيّة كانت متعيّنة لو لا وجود المانع ، ويمتنع فيه الاستئناف ، لأن المعنى على تقييد المتقدّم ؛ فتتعيّن الحاليّة بعد أن كانت ممتنعة ، وذلك نحو : (وَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ) [البقرة : ٢١٦] ، (أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلى قَرْيَةٍ وَهِيَ خاوِيَةٌ) [البقرة : ٢٥٩] ، وقوله [من الطويل] :
٥٥٥ ـ مضى زمن والنّاس يستشفعون بي |
|
[فهل لي إلى ليلى الغداة شفيع](٢) |
__________________
(١) البيت من الطويل ، وهو للزبير بن العوام في تخليص الشواهد ص ٢٠٨ ، وشرح شواهد المغني ٢ / ٨٤١ ، والمقاصد النحوية ١ / ٥٧١.
(٢) البيت من الطويل ، وهو للمجنون في ديوانه ص ١٥١ ، والدرر ٤ / ٧ ، وسمط اللآلي ص ١٣٣ ، وشرح شواهد المغني ٢ / ٨٤١ ، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر ٦ / ١٣٥.