معطوفا كذلك ، لتضمّنه الإبدال من ضمير العائد مرّتين ، وفيه بعد ، حتى قيل بامتناعه ، ولأن الحمل على الوجه البعيد ينبغي أن يكون سببه التخلّص به من محذور ، فأما أن يكون هو موقعا فيما يحتاج إلى تأويلين فلا ، ولا يجوز على هذا الوجه أن يكون (وَفِي الْأَرْضِ إِلهٌ) مبتدأ وخبرا ، لئلّا يلزم فساد المعنى إن استؤنف ، وخلّو الصلة من عائد إن عطف.
ومن ذلك أيضا قوله [من الطويل] :
٥٥٨ ـ وإنّ لساني شهدة يشتفى بها ، |
|
وهوّ على من صبّه الله علقم (١) |
أصله «علقم عليه» ، فـ «على» المحذوفة متعلّقة بـ «صبه» ، والمذكورة متعلّقة بـ «علقم» ، لتأوّله بـ «صعب» ، أو «شاقّ» ، أو «شديد». ومن هنا كان الحذف شاذّا ، لاختلاف متعلقي جارّ الموصول وجارّ العائد.
ومثال التعلّق بما فيه رائحته قوله [من الرجز] :
أنا أبو المنهال بعض الأحيان (٢)
وقوله [من الرجز] :
٥٥٩ ـ أنا ابن ماويّة إذ جدّ النّقر |
|
[وجاءت الخيل أثافيّ زمر](٣) |
فتعلق «بعض» و «إذ» بالاسمين العلمين ، لا لتأوّلهما باسم يشبه الفعل ، بل لما فيهما من معنى قولك : «الشجاع» أو «الجواد». وتقول : «فلان حاتم في قومه» فتعلّق الظرف بما في «حاتم» من معنى الجود ، ومن هنا ردّ على الكسائي في استدلاله على إعمال اسم الفاعل المصغّر بقول بعضهم : «أظنّني مرتحلا وسويّرا فرسخا» ، وعلى سيبويه في استدلاله على إعمال «فعيل» بقوله [من البسيط] :
٥٦٠ ـ حتّى شآها كليل موهنا عمل |
|
[باتت طرابا ، وبات اللّيل لم ينم](٤) |
__________________
(١) البيت من الطويل ، وهو لرجل من همدان في شرح التصريح ١ / ١٤٨ ، والمقاصد النحوية ١ / ٤٥١ ، وبلا نسبة في أوضح المسالك ١ / ١٧٧ ، وخزانة الأدب ٥ / ٢٦٦.
(٢) صدر بيت من الرجز ، تمامة (ليس علي حسبي بضؤلان) ، وهو لأبي النهال في لسان العرب مادة (أين) وتاج العروس مادة (أين) ، وبلا نسبة في الخصائص ٣ / ٢٧٠ ، وهمع الهوامع ٢ / ١٠٧.
(٣) البيت من البسيط ، وهو لساعدة بن جؤية الهذلي في خزانة الأدب ٨ / ١٥٥ وشرح أشعار الهذليين ٣ / ١١٢٩ ، ولسان العرب ١١ / ٤٧٥ مادة / عمل /
(٤) البيت من البحر البسيط ، وهو لساعدة بن جؤبة الهذلي في خزانة الأدب ٨ / ١٥٥ ، وللهذلي في لسان العرب مادة (عمل) ، وبلا نسبة في المقتضب ٢ / ١١٥.