وهذا كلّه يتخرّج إما على التعلّق بمحذوف كما قيل في اللام في «سقيا لك» ، وإمّا على حذف مضاف ، أي : هوّن على نفسك ، واضمم إلى نفسك ، وقد خرّج ابن مالك على هذا قوله [من البسيط] :
١٧ ـ وما أصاحب من قوم فأذكرهم |
|
إلّا يزيدهم حبّا إليّ هم |
فادّعى أن الأصل : يزيدون أنفسهم ، ثم صار : يزيدونهم ، ثم فصل ضمير الفاعل للضرورة وأخّر عن ضمير المفعول ، وحامله على ذلك ظنّه أن الضميرين لمسمّى واحد ، وليس كذلك ، فإن مراده أنه ما يصاحب قوما فيذكر قومه لهم إلا ويزيد هؤلاء القوم قومه حبّا إليه ؛ لما يسمعه من ثنائهم عليهم ؛ والقصيدة في حماسة أبي تمام ، ...
______________________________________________________
ووجه لزوم الحكم بالاسمية في ذلك وجود العلة التي بسببها حكم باسمية على في الآية ، والبيت المتقدمين والفرض أنه لا يقول بذلك (وهذا كله يتخرج إما على التعليق) بصيغة التفعيل بياء بعد العين ، وفي بعض النسخ التعلق بصيغة التفعل كالمتكلم (بمحذوف) فلا يلزم المحذور المذكور (كما قيل في اللام في سقيا لك) : إنها لا تتعلق بالمصدر بل بمحذوف ، والتقدير إرادتي لك (وإما على حذف مضاف أي : هون على نفسك واضمم إلى نفسك) فلم يتعد فعل المضمر المتصل على هذا التقدير إلا إلى ظاهر ، ولا محذور فيه لكن يلزم جواز نحو ضربتني وفرحت بي على هذا التقدير (وقد خرج ابن مالك على هذا) الوجه الأخير وهو حذف المضاف قوله :
(وما أصاحب من قوم فأذكرهم |
|
وإلا يزيدهم حبا إلي هم (١) |
فادعى أن الأصل يزيدون أنفسهم ثم صار يزيدونهم ، ثم فصل ضمير الفاعل للضرورة ، وأخر عن ضمير المفعول ، وحامله على ذلك ظنه أن الضميرين) المنصوب والمرفوع (لمسمى واحد) بل هما لمسميين متغايرين (فإن مراده أنه ما يصاحب قوما فيذكر قومه لهم إلا ويزيد هؤلاء القوم قومه حبا إليه لما يسمعه من ثنائهم عليهم ، القصيدة في حماسة أبي تمام) حبيب بن أوس الطائي ، وأقول قدّر المصنف ما لا دليل عليه في البيت ؛ لأنه قدر لهم بعد قوله فاذكرهم وقدر ثناءهم على قومه ؛ ليكون ذلك سببا لزيادتهم إياه حبا في قومه ، وهو في غنية عن ذلك إذ يجوز أن يكون المراد أنه إذا صاحب قوما فذكر قومه ، أي : تذكرهم زاد هؤلاء القوم المصاحبون قومه حبا إليه لما يشاهده من انحطاط مرتبة هؤلاء عن مرتبة قومه ، ففيه إشارة إلى فضل قومه على كل
__________________
(١) البيت من البحر البسيط ، وهو لزياد بن منقذ في خزانة الأدب ٥ / ٢٥٠ ، وسر صناعة الإعراب ١ / ٢٧١ ، وبلا نسبة في أوضح المسالك ١ / ٩٠ ، وتخليص الشواهد ص ٨٣. ا ه. انظر : المعجم المفصل في شواهد اللغة العربية ٧ / ٢٠٠.