ولا يحسن تخريج ذلك على ظاهره ، كما قيل في قوله [من البسيط] :
١٨ ـ قد بتّ أحرسني وحدي ، ويمنعني |
|
صوت السّباع به يضبحن والهام |
لأن ذلك شعر ؛ فقد يستسهل فيه مثل هذا ، ولا على قول ابن الأنباري إن «إلى» قد ترد اسما ، فيقال : «انصرفت من إليك» كما يقال «غدوت من عليك» لأنه إن كان ثابتا ففي غاية الشّذوذ ، ولا على قول ابن عصفور إن إليك في : (وَاضْمُمْ إِلَيْكَ) [البقرة : ٤٨ ، ١٢٣] إغراء ، والمعنى خذ جناحك ، أي : عصاك ؛ لأن «إلى» لا تكون بمعنى «خذ» عند البصريين ، ولأن «الجناح» ليس بمعنى «العصا» إلا عند الفرّاء وشذوذ من المفسّرين.
______________________________________________________
من يصاحبه من الأقوام فتأمل وفي «الصحاح» وذكرته بلساني وبقلبي وتذكرته وأذكرته غيري وذكرته بمعنى.
(ولا يحسن تخريج ذلك) الذي تلوناه من الآيات الشريفة (على ظاهره) من غير أن يكون هناك حذف مضاف (كما قيل في قوله :
قد بت أحرسني وحدي ويمنعني |
|
صوت السباع به يضبحن والهام) (١) |
أنه عدى أحرس المسند لضمير المتكلم إلى ضميره المتصل وهو الياء ، مع أنه ليس من باب ظنّ وفقد وعدم ، ويضبحن يصوتن والهام طير الليل والواحدة هامة ؛ (لأن بابه الشعر) فقط فلا يخرج النثر عليه فضلا عن التنزيل ، ولأن هذا في الشعر فقد يسهل فيه مثل هذا (ولا على قول ابن الأنباري) بنون بعد الهمزة تليها موحدة (إن إلى قد ترد اسما) مثل ما ترد على اسما (فيقال : انصرفت من إليك كما يقال غدوت من عليك ؛ لأنه إن كان ثابتا ففي غاية الشذوذ) فكيف يخرج أفصح الكلام عليه (ولا على قول ابن عصفور إن إليك في واضمم إليك غزاه) بمعنى خذ (والمعنى خذ جناحك أي : عصاك ؛ لأن إلى لا تكون بمعنى خذ عند البصريين) وإنما تكون بمعنى أتنحى في قولك : إلي وبمعنى تنح في قولك إليك (ولأن الجناح ليس بمعنى العصا إلا عند الفراء وشذوذ من المفسرين) والمشهور أنها بمعنى اليد ؛ لأن يد الإنسان بمنزلة جناحي الطائر والمعنى هنا واضمم يدك إلى صدرك ومعنى واضمم يدك إلى جناحك في سورةطه أدخل يمناك تحت يسراك.
__________________
(١) البيت من البحر البسيط ، وهو للنمر بن تولب في ديوانه ص ٣٨٨ ، وشرح شواهد المغني ١ / ٤٢٩ ، ا ه. انظر : المعجم المفصل في شواهد اللغة العربية ٧ / ٣١١.