القاصر ، ولا معدّية محضة لاطّراد صحة إسقاطها ؛ فلها منزلة بين المنزلتين.
الثاني : «لعلّ» في لغة عقيل ؛ لأنها بمنزلة الحرف الزائد ، ألا ترى أن مجرورها في موضع رفع على الابتداء ، بدليل ارتفاع ما بعده على الخبريّة ، قال [من الطويل] :
٥٦٩[فقلت ادع أخرى وارفع الصّوت جهرة] |
|
لعلّ أبي المغوار منك قريب (١) |
ولأنها لم تدخل لتوصيل عامل ، بل لإفادة التوقّع ، كما دخلت «ليت» لإفادة معنى التمنّي ، ثم إنهم جرّوا بها منبهة على أن الأصل في الحروف المختصّة بالاسم أن تعمل الإعراب المختص به كحروف الجر.
الثالث : «لولا» فيمن قال : «لولاي» ، و «لولاك» ، و «لولاه» على قول سيبويه : إن «لولا» جارّة للضمير ؛ فإنها أيضا بمنزلة «لعلّ» في أنّ ما بعدها مرفوع المحلّ بالابتداء ؛ فإن «لولا» الامتناعيّة تستدعي جملتين كسائر أدوات التعليق. وزعم أبو الحسن أن «لولا» غير جارّة ، وأن الضمير بعدها مرفوع ، ولكنّهم استعاروا ضمير الجرّ مكان ضمير الرفع ، كما عكسوا في قولهم «ما أنا كأنت» ، وهذا كقوله في «عساي» ، ويردّهما أنّ نيابة ضمير عن ضمير يخالفه في الإعراب إنما تثبت في الكلام في المنفصل ، وإنما جاءت النيابة في المتصل بثلاثة شروط : كون المنوب عنه منفصلا ، وتوافقهما في الإعراب ، وكون ذلك في الضرورة ، كقوله [من البسيط] :
٥٧٠ ـ [وما علينا إذا ما كنت جارتنا] |
|
أن لا يجاورنا إلّاك ديّار (٢) |
وعليه خرّج أبو الفتح قوله [من المنسرح] :
٥٧١ ـ نحن بغرس الوديّ أعلمنا |
|
منّا بركض الجياد في السّدف (٣) |
فادعى أن «نا» مرفوع مؤكّد للضمير في «أعلم» ، وهو نائب عن «نحن» ؛ ليتخلّص
__________________
(١) البيت من الطويل ، وهو لكعب بن سعد الغنوي في الأصمعيات ص ٩٦ ، وخزانة الأدب ١٠ / ٤٢٦ ، والدرر ٤ / ١٧٤ ، وسر صناعة الإعراب ص ٤٠٧ ، وشرح شواهد المغني ص ٦٩١.
(٢) البيت من البسيط ، وهو بة نسبة في الأشباه والنظائر ٢ / ١٢٩ ، وأوضح المسالك ١ / ٨٣ ، وخزانة الأدب ٥ / ٢٧٨ ـ ٢٧٩.
(٣) البيت من المنسرح ، وهو لقيس بن الحظيم في وملحق ديوانه ص ٢٣٦ ، ولسعد القرقرة في فصل المقال ص ٢١٠ ، ولسان العرب ٩ / ١٤٧.