السادس : أن حقّ الحال الاشتقاق ، وحق التمييز الجمود ، وقد يتعاكسان فتقع الحال جامدة ، نحو : «هذا مالك ذهبا» ، (وَتَنْحِتُونَ الْجِبالَ بُيُوتاً) [الأعراف : ٧٤] ويقع التمييز مشتقّا ، نحو : «لله درّه فارسا» ، وقولك : «كرم زيد ضيفا» إذا أردت الثّناء على ضيف «زيد» بالكرم ، فإن كان «زيد» هو الضيف احتمل الحال والتمييز ، والأحسن عند قصد التمييز إدخال «من» عليه ؛ واختلف في المنصوب بعد «حبّذا» ، فقال الأخفش والفارسي والرّبعي : حال مطلقا ، وأبو عمرو بن العلاء : تمييز مطلقا ، وقيل : الجامد تمييز والمشتقّ حال ، وقيل : الجامد تمييز والمشتق إن أريد تقييد المدح به ، كقوله [من البسيط] :
٥٩٩ ـ يا حبّذا المال مبذولا بلا سرف |
|
[في أوجه البرّ إسرارا وإعلانا](١) |
فحال ، وإلا فتمييز ، نحو : «حبّذا راكبا زيد».
السابع : أن الحال تكون مؤكدة لعاملها ، نحو : (وَلَّى مُدْبِراً) [النمل : ١٠] ، (فَتَبَسَّمَ ضاحِكاً) [النمل : ١٩] ، (وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ) [البقرة : ٦٠] وغيرها ، ولا يقع التمييز كذلك ، فأمّا (إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللهِ اثْنا عَشَرَ شَهْراً) [التوبة : ٣٦] ، فـ «شهرا» : مؤكد لما فهم من (إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ) وأما بالنسبة إلى عامله وهو اثنا عشر فمبيّن ، وأما ما اختاره المبرّد ومن وافقه من «نعم الرّجل رجلا زيد» فمردود ، وأما قوله [من الوافر] :
٦٠٠ ـ تزوّد مثل زاد أبيك فينا |
|
فنعم الزّاد زاد أبيك زادا (٢) |
فالصحيح أن «زادا» معمول لـ «تزود» : إما مفعول مطلق إن أريد به التزوّد ، أو مفعول به إن أريد به الشيء الذي يتزوّده من أفعال البرّ ، وعليهما فـ «مثل» نعت له تقدم فصار حالا ، وأما قوله [من البسيط] :
٦٠١ ـ نعم الفتاة فتاة هند لو بذلت |
|
ردّ التّحيّة نطقا أو بإيماء (٣) |
فـ «فتاة» : حال مؤكّدة.
__________________
(١) البيت من البسيط ، وهو بلا نسبة في شرح عمدة الحافظ ص ٨٠٦ ، وصدره في شرح شواهد المغني ٢ / ٨٦٢.
(٢) البيت من الوافر ، وهو لجرير في خزانة الأدب ٩ / ٣٩٤ ، والخصائص ١ / ٨٣ ، والدرر ٥ / ٢١٠ ، وشرح شواهد الإيضاح ص ١٠٩ ، وشرح شواهد المغني ص ٥٧ ، وبلا نسبة في شرح الأشموني ١ / ٢٦٧.
(٣) البيت من البسيط ، وهو بلا نسبة في أوضح المسالك ٣ / ٢٧٧ ، وخزانة الأدب ٩ / ٣٩٨ ، والدرر ٥ / ٢٠٩ ، وشرح الأشموني ١ / ٢٦٧ ، وشرح شواهد المغني ص ٨٦٢.