فمفعول لحال محذوفة ، أي : حاملا أو ممسكا ، ولا يحسن أن يكون بدلا من الياء ، ومثّل ابن مالك بقوله تعالى : (وَطائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ) [آل عمران : ١٥٤] ، وقول الشاعر [من الطويل] :
٦٠٧ ـ عرضنا فسلّمنا فسلّم كارها |
|
علينا ، وتبريح من الوجد خانقه (١) |
ولا دليل فيهما ؛ لأن النّكرة موصوفة بصفة مذكورة في البيت ومقدّرة في الآية ، أي : وطائفة من غيركم ، بدليل (يَغْشى طائِفَةً مِنْكُمْ) [آل عمران : ١٥٤].
ومما ذكروا من المسوّغات : أن تكون النكرة محصورة ، نحو : «إنما في الدار رجل» ، أو للتّفصيل ، نحو : «الناس رجلان رجل أكرمته ورجل أهنته» ، وقوله [من المتقارب]:
٦٠٨ ـ فأقبلت زحفا على الرّكبتين |
|
فثوب لبست وثوب أجر (٢) |
وقولهم : «شهر ثرى وشهر ترى وشهر مرعى» ، أو بعد فاء الجزاء ، نحو : «إن مضى عير فعير في الرّباط».
وفيهنّ نظر ؛ أما الأول فلأن الابتداء فيها بالنكرة صحيح قبل مجيء «إنما» ، وأما الثانية فلاحتمال «رجل» الأول للبدليّة والثاني عطف عليه ، كقوله [من الطويل] :
٦٠٩ ـ وكنت كذي رجلين رجل صحيحة |
|
ورجل رمى فيها الزّمان فشلّت (٣) |
ويسمى بدل التفصيل ، ولاحتمال «شهر» الأول الخبرية ، والتقدير : أشهر الأرض الممطورة شهر ذو ثرى ، أي ذو تراب ند ، وشهر ترى فيه الزرع ، وشهر ذو مرعى ؛ ولاحتمال «نسيت» و «أجرّ» للوصفيّة والخبر محذوف ، أي : فمنها ثوب نسيته وثوب
__________________
(١) البيت من الطويل ، وهو لابن الدمينة في ديوانه ص ٥٣ ، وأمالي القالي ١ / ١٥٦ ، وشرح شواهد المغني ٢ / ٨٦٥ ، والشعر والشعراء ٢ / ٧٣٥.
(٢) البيت من المتقارب ، وهو لامرىء القيس في ديوانه ص ١٥٩ ، والأشباه والنظائر ٣ / ١١٠ ، وخزانة الأدب ١ / ٣٧٣ ، وشرح شواهد المغني ٢ / ٨٦٦ ، والمقاصد النحوية ١ / ٥٤٥.
(٣) البيت من الطويل ، وهو لكثير عزة في ديوانه ص ٩٩ ، وأمالي المرتضى ١ / ٤٦ ، وخزانة الأدب ٥ / ٢١١ ، والمقاصد النحوية ٤ / ٢٠٤ ، وبلا نسبة في شرح الأشموني ٢ / ٤٣٨.