للابتداء ، بل إمّا لفوات شرط العمل وهو الاعتماد ، أو لفوات شرط الاكتفاء بالفاعل عن الخبر وهو تقدّم النفي أو الاستفهام ، وهذا أظهر لوجهين :
أحدهما : أنه لا يكفي مطلق الاعتماد ، فلا يجوز في نحو : «زيد قائم أبوه» كون «قائم» مبتدأ وإن وجد الاعتماد على المخبر عنه.
والثاني : أن اشتراط الاعتماد وكون الوصف بمعنى الحال أو الاستقبال إنما هو للعمل في المنصوب ، لا لمطلق العمل ، بدليلين : أحدهما أنه يصحّ «زيد قائم أبوه أمس» ، والثاني : أنهم لم يشترطوا لصحّة نحو : «أقائم الزّيدان» كون الوصف بمعنى الحال أو الاستقبال.
والثامن : أن يكون ثبوت ذلك الخبر للنّكرة من خوارق العادة ؛ نحو : «شجرة سجدت» ، و «بقرة تكلّمت» ، إذ وقوع ذلك من أفراد هذا الجنس غير معتاد ؛ ففي الإخبار به عنها فائدة بخلاف نحو : «رجل مات» ونحوه.
والتاسع : أن تقع بعد «إذا» الفجائية ، نحو : «خرجت فإذا أسد» ، أو «رجل بالباب» ، إذ لا توجب العادة أن لا يخلو الحال من أن يفاجئك عند خروجك أسد أو رجل.
والعاشر : أن تقع في أول جملة حالية ، كقوله [من الطويل] :
٦٠٥ ـ سرينا ونجم قد أضاء ، فمذ بدا |
|
محيّاك أخفى ضوؤه كلّ شارق (١) |
وعلّة الجواز ما ذكرناه في المسألة قبلها ، ومن ذلك قوله [من البسيط] :
٦٠٦ ـ الذّئب يطرقها في الدّهر واحدة |
|
وكلّ يوم تراني مدية بيدي (٢) |
وبهذا يعلم أن اشتراط النحويين وقوع النكرة بعد واو الحال ليس بلازم.
ونظير هذا الموضع قول ابن عصفور في شرح الجمل : تكسر «إنّ» إذا وقعت بعد واو الحال ، وإنما الضابط أن تقع في أول جملة حالية ، بدليل قوله تعالى : (وَما أَرْسَلْنا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعامَ) [الفرقان : ٢٠]. ومن روى «مدية» بالنّصب
__________________
(١) البيت من الطويل ، وهو بلا نسبة في الأشباه والنظائر ٣ / ٩٨ ، وتخليص الشواهد ص ١٩٣ ، والدرر ٢ / ٢٣ ، وشرح شواهد المغني ٢ / ٨٦٣ ، وشرح الأشموني ١ / ٩٧.
(٢) البيت من البسيط ، وهو للحماسي في تخليص الشواهد ص ١٩٦ ، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر ٣ / ٩٨ ، وشرح الأشموني ١ / ٩٣ ، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص ١٥٧.