فإن قيل : يحتمل أنّ الواو عطف اسما وظرفا على مثليهما ، فيكون من عطف المفردات.
قلنا : يلزم العطف على معمولي عاملين مختلفين ، إذ «الاصطبار» معمول للابتداء ، والظرف معمول للاستقرار.
فإن قيل : قدّر لكلّ من الظّرفين استقرارا ، واجعل التّعاطف بين الاستقرارين لا بين الظرفين.
قلنا : الاستقرار الأوّل خبر ، وهو معمول للمبتدأ نفسه عند سيبويه ، واختاره ابن مالك ؛ فرجع الأمر إلى العطف على معمولي عاملين.
والرابع : أن يكون خبرها ظرفا أو مجرورا ، قال ابن مالك : أو جملة ، نحو : (وَلَدَيْنا مَزِيدٌ) [ق : ٣٥] ، و (لِكُلِّ أَجَلٍ كِتابٌ) [الرعد : ٣٨] ، و «قصدك غلامه رجل».
وشرط الخبر فيهنّ الاختصاص ، فلو قيل : «في دار رجل رجل» لم يجز ، لأن الوقت لا يخلو عن أن يكون فيه رجل ما في دار رجل ؛ فلا فائدة في الإخبار بذلك ، قالوا : والتقديم ، فلا يجوز «رجل في الدار» ، وأقول : إنما وجب التقديم هنا لدفع توهّم الصفة ، واشتراطه هنا يوهم أن له مدخلا في التّخصيص ، وقد ذكروا المسألة فيما يجب فيه تقديم الخبر ، وذاك موضعها.
والخامس : أن تكون عامّة : إما بذاتها كأسماء الشّرط وأسماء الاستفهام ، أو بغيرها نحو : «ما رجل في الدار» ، و «هل رجل في الدار؟» و (أَإِلهٌ مَعَ اللهِ) [النمل : ٦٠ ، ٦١ ، ٦٢ ، ٦٣]. وفي شرح منظومة ابن الحاجب له أن الاستفهام المسوّغ للابتداء هو الهمزة المعادلة بـ «أم» ، نحو : «أرجل في الدّار أم امرأة؟» كما مثّل في الكافية ، وليس كما قال.
والسادس : أن تكون مرادا بها صاحب الحقيقة من حيث هي ، نحو : «رجل خير من امرأة» ، و «تمرة خير من جرادة».
والسابع : أن تكون في معنى الفعل ، وهذا شامل لنحو : «عجب لزيد» وضبطوه بأن يراد بها التعجّب ، ولنحو : (سَلامٌ عَلى إِلْ ياسِينَ) [الصافات : ١٣٠] ، و (وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ) (١) [المطففين : ١] ، وضبطوه بأن يراد بها الدعاء ؛ ولنحو : «قائم الزيدان» عند من جوّزها ؛ وعلى هذا ففي نحو : «ما قائم الزيدان» مسوّغان كما في قوله تعالى : (وَعِنْدَنا كِتابٌ حَفِيظٌ) [ق : ٤] مسوّغان ؛ وأمّا منع الجمهور لنحو : «قائم الزيدان» فليس لأنه لا مسوّغ فيه