فضرورة.
ولا تختص مراعاة الموضع بأن يكون العامل في اللفظ زائدا كما مثّلنا ، بدليل قوله [من الطويل] :
٦١٢ ـ فإن لم تجد من دون عدنان والدا |
|
ودون معدّ فلتزعك العواذل (١) |
وأجاز الفارسيّ في قوله تعالى : (وَأُتْبِعُوا فِي هذِهِ الدُّنْيا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيامَةِ) [هود : ٦٠] أن يكون (يَوْمَ الْقِيامَةِ) عطفا على محل (هذِهِ) لأن محلّه النصب.
الثاني : أن يكون الموضع بحقّ الأصالة ؛ فلا يجوز «هذا ضارب زيدا وأخيه» لأن الوصف المستوفي لشروط العمل الأصل إعماله لا إضافته لالتحاقه بالفعل ، وأجازه البغداديّون تمسكا بقوله [من الطويل] :
٦١٣ ـ [فظلّ طهاة اللّحم ما بين] منضج |
|
صفيف شواء أو قدير معجّل (٢) |
وقد مرّ جوابه.
والثالث : وجود المحرز ، أي الطّالب لذلك المحل ، وابتني على هذا امتناع مسائل : إحداها : «إن زيدا وعمرو قائمان» وذلك لأنّ الطالب لرفع «زيد» هو الابتداء والابتداء هو التجرّد ، والتجرّد قد زال بدخول «إنّ».
والثانية : «إنّ زيدا قائم وعمرو» إذا قدرت «عمرا» معطوفا على المحل ، لا مبتدأ ؛ وأجاز هذه بعض البصريين ، لأنهم لم يشترطوا المحرز ، وإنما منعوا الأولى لمانع آخر ، وهو توارد عاملين «إن» والابتداء على معمول واحد وهو الخبر ؛ وأجازهما الكوفيّون ، لأنهم لا يشترطون المحرز ، ولأن «أنّ» لم تعمل عندهم في الخبر شيئا ، بل هو مرفوع بما كان مرفوعا به قبل دخولها ؛ ولكن شرط الفراء لصحّة الرفع قبل مجيء الخبر خفاء إعراب الاسم ، لئلا يتنافر اللفظ ؛ ولم يشترطه الكسائي ، كما أنه ليس بشرط بالاتّفاق في سائر مواضع العطف على اللفظ ؛ وحجّتهما قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هادُوا وَالصَّابِئُونَ) [المائدة : ٦٩] الآية ، وقولهم : «إنّك وزيد ذاهبان». وأجيب عن الآية بأمرين :
__________________
(١) البيت من الطويل ، وهو للبيد بن ربيعة في ديوانه ص ٢٥٥ ، وأمالي المرتضى ١ / ١٧١ ، وخزانة الأدب ٢ / ٢٥٢ ، وسر صناعة الإعراب ١ / ١٣١ ، وشرح شواهد المغني ١ / ١٥١.
(٢) تقدم تخريجه.