تعالى : (وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ) [القصص : ٧٣] الآية ، وجوّز الزّمخشريّ كون (الشَّمْسَ) معطوفا على محلّ (اللَّيْلَ ،) وزعم مع ذلك أن الجعل مراد منه فعل مستمرّ في الأزمنة لا في الزمن الماضي بخصوصيّته مع نصه في (مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ) (٤) [الفاتحة : ٤] على أنه إذا حمل على الزمن المستمرّ كان بمنزلته إذا حمل على الماضي في أن إضافته محضة ، وأما قوله [من الرجز] :
٦١٧ ـ قد كنت داينت بها حسّانا |
|
مخافة الإفلاس واللّيانا |
[يحسن بيع الأصل والقيانا](١) |
فيجوز أن يكون «اللّيّانا» مفعولا معه ، وأن يكون معطوفا على «مخافة» على حذف مضاف ، أي : ومخافة الليان ؛ ولو لم يقدر المضاف لم يصح ، لأن «الليان» فعل لغير المتكلّم ، إذ المراد أنه داين حسان خشية من إفلاس غيره ومطله ، ولا بدّ في المفعول له من موافقته لعامله في الفاعل.
ومن الغريب قول أبي حيان : إن من شرط العطف على الموضع أن يكون للمعطوف عليه لفظ وموضع ؛ فجعل صورة المسألة شرطا لها ، ثم إنه أسقط الشرط الأوّل الذي ذكرناه ، ولا بدّ منه.
والثالث : العطف على التوهّم ، نحو : «ليس زيد قائما ولا قاعد» بالخفض على توهّم دخول الباء في الخبر ، وشرط جوازه صحّة دخول ذلك العامل المتوهّم ، وشرط حسنه كثرة دخوله هناك ، ولهذا حسن قول زهير [من الطويل] :
٦١٨ ـ بدا لي أنّي لست مدرك ما مضى |
|
ولا سابق شيئا إذا كان جائيا (٢) |
وقول الآخر [من البسيط] :
٦١٩ ـ ما الحازم الشّهم مقداما ولا بطل |
|
إن لم يكن للهوى بالحقّ غلّابا (٣) |
ولم يحسن قول الآخر [من المتقارب] :
__________________
(١) البيت من الرجز ، وهو لرؤبة في ملحق ديوانه ص ١٨٧ ، ولزياد العنبري في شرح التصريح ٢ / ٦٥ ، وله أو لرؤية في الدرر ٦ / ١٩٠ ، وبلا نسبة في أوضح المسالك ٣ / ٣١٥ ، وخزانة الأدب ٥ / ١٠٢.
(٢) البيت من الطويل ، وهو لزهير بن أبي سلمى في ديوانه ص ٢٨٧ ، وتخليص الشواهد ص ٥١٢ ، وخزانة الأدب ٨ / ٤٩٢ ، والدرر ٦ / ١٦٣ ، وشرح شواهد المغني ١ / ٢٨٢.
(٣) البيت من البسيط ، وهو بلا نسبة في الدرر ٦ / ١٦٥ ، وشرح شواهد المغني ص ٨٦٩.