٦٢٠ ـ وما كنت ذا نيرب فيهم |
|
ولا منمش فيهم منمل (١) |
لقلّة دخول الباء على خبر «كان» ، بخلاف خبري «ليس» و «ما» ، والنّيرب :النميمة ، والمنمل : الكثير النميمة ، والمنمش : المفسد ذات البين.
وكما وقع هذا العطف في المجرور وقع في أخيه المجزوم ، ووقع أيضا في المرفوع اسما ، وفي المنصوب اسما وفعلا ، وفي المركّبات.
فأما المجزوم فقال به الخليل وسيبويه في قراءة غير أبي عمرو (لَوْ لا أَخَّرْتَنِي إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ) [المنافقون : ١٠] ، فإن معنى : «لولا أخّرتني فأصدق» ، ومعنى «إن أخّرتني أصّدّق» واحد ؛ وقال السيرافي والفارسي : هو عطف على محلّ «فأصّدق» ، كقول الجميع في قراءة الأخوين (مَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَلا هادِيَ لَهُ وَيَذَرُهُمْ) [الأعراف : ١٨٦] بالجزم ؛ ويردّه أنهما يسلّمان أن الجزم في نحو : ائتني أكرمك» بإضمار الشّرط ، فليست الفاء هنا وما بعدها في موضع جزم ، لأن ما بعد الفاء منصوب بـ «أن» مضمرة ، و «أن» والفعل في تأويل مصدر معطوف على مصدر متوهّم مما تقدّم ، فكيف تكون الفاء مع ذلك في موضع الجزم؟ وليس بين المفردين المتعاطفين شرط مقدّر ؛ ويأتي القولان في قول الهذلي [من الوافر] :
٦٢١ ـ فأبلوني بليّتكم لعلّي |
|
أصالحكم وأستدرج نويّا (٢) |
أي : نواي. وكذلك اختلف في نحو : «قام القوم غير زيد وعمرا» بالنصب ، والصواب أنه على التوهّم ، وأنه مذهب سيبويه ، لقوله لأن «غير زيد» في موضع «إلّا زيدا» ومعناه ، فشبّهوه بقولهم [من الوافر] :
٦٢٢ ـ [معاوي إنّنا بشر فأسجج] ، |
|
فلسنا بالجبال ولا الحديدا (٣) |
وقد استنبط من ضعف فهمه من إنشاد هذا البيت هنا أنه يراه عطفا على المحل ولو أراد ذلك لم يقل : إنهم شبّهوه به.
__________________
(١) البيت من المتقارب ، وهو بلا نسبة في الدرر ٦ / ١٦٥ ، وشرح شواهد المغني ٢ / ٨٦٩ ، ولسان العرب ٦ / ٣٦٠ مادة / نمش /.
(٢) البيت من الوافر ، وهو لأبي دؤاد الإيادي في ديوانه ص ٣٥٠ ، والخصائص ١ / ١٧٦ ، وسر صناعة الإعراب ٢ / ٧٠١ ، وشرح شواهد المغني ٢ / ٨٣٩ ، وبلا نسبة في لسان العرب ١١ / ٤٧٤.
(٣) البيت من الوافر ، وهو لعقبة الأسدي في الإنصاف ١ / ٣٣٢ ، وخزانة الأدب ٢ / ٢٦٠ ، وسر صناعة الإعراب ١ / ١٣١ ، وشرح شواهد المغني ٢ / ٨٧٠.