بأنه قد علم أنهم غير المؤمنين ، فكأنه قيل : فإن لم يفعلوا فبشّر غيرهم بالجنّات ، ومعنى هذا فبشّر هؤلاء المعاندين بأنه لا حظّ لهم في الجنة.
وقال في آيةالصفّ : إن العطف على (تؤمنون) لأنه بمعنى «آمنوا» ، ولا يقدح في ذلك أن المخاطب بـ «تؤمنون» المؤمنون ، وب «بشّر» النبي عليه الصلاة والسّلام ، ولا أن يقال في (تؤمنون :) إنه تفسير لـ «التجارة» لا طلب ، وإن (يغفر لكم) جواب الاستفهام تنزيلا لسبب السبب منزلة السبب كما مرّ في بحث الجمل المفسّرة ؛ لأن تخالف الفاعلين لا يقدح ، تقول : «قوموا وأقعد يا زيد» ، ولأن (تؤمنون) لا يتعيّن للتفسير ، سلّمنا ، ولكن يحتمل أنه تفسير مع كونه أمرا ، وذلك بأن يكون معنى الكلام السابق اتّجروا تجارة تنجيكم من عذاب أليم كما كان (فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ) [المائدة : ٩١] في معنى : انتهوا ، أو بأن يكون تفسيرا في المعنى دون الصناعة ؛ لأن الأمر قد يساق لإفادة المعنى الذي يتحصّل من المفسّرة ، يقول : هل أدلّك على سبب نجاتك؟ آمن بالله ، كما تقول : هو أن تؤمن بالله ، وحينئذ فيمتنع العطف ، لعدم دخول التبشير في معنى التفسير.
وقال السّكاكي : الأمران معطوفان على «قل» مقدّرة قبل (يا أيها) ، وحذف القول كثير ؛ وقيل : معطوفان على أمر محذوف تقديره في الأولى : فأنذر ، وفي الثانية : فأبشر ، كما قال الزمخشري في (وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا) [مريم : ٤٦] : إن التقدير : فاحذرني واهجرني ، لدلالة (لَأَرْجُمَنَّكَ) [مريم : ٤٦] على التهديد.
وأما :
«وهل عند رسم دارس من معوّل»
ف «هل» فيه نافية ، مثلها في (فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفاسِقُونَ) [الأحقاف : ٣٥]. وأما :
«هذه خولان»
فمعناه تنبّه لـ «خولان» أو الفاء لمجرّد السببية مثلها في جواب الشرط ، وإذ قد استدلّا بذلك فهلّا استدلّا بقوله تعالى : (إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ (١) فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ) [الكوثر : ١ ـ ٢] ونحوه في التنزيل كثير.
وأما :
«وكحّل أماقيك»