وأجيب بثلاثة أوجه :
أحدها : أن «في» مقدّرة ؛ فالعمل لها ، ويؤيده أن في حرف عبد الله التصريح بـ «في» ، وعلى هذا الواو نائبة مناب عامل واحد ، وهو الابتداء أو «إنّ».
والثاني : أن انتصاب «آيات» على التوكيد للأولى ، ورفعها على تقدير مبتدأ ، أي : هي آيات ، وعليهما فليست «في» مقدّرة.
والثالث : يخصّ قراءة النصب ، وهو أنه على إضمار «إنّ» و «في» ، ذكره الشاطبي وغيره ، وإضمار «إنّ» بعيد.
ومما يشكل على مذهب سيبويه قوله [من المتقارب] :
٦٣٢ ـ هوّن عليك ، فإنّ الأمور |
|
بكفّ الإله مقاديرها |
٦٣٣ ـ فليس بآتيك منهيّها |
|
ولا قاصر عنك مأمورها (١) |
لأن «قاصر» عطف على مجرور الباء ، فإن كان مأمورها عطفا على مرفوع «ليس» لزم العطف على معمولي عاملين ، وإن كان فاعلا بـ «قاصر» لزم عدم الارتباط بالمخبر عنه ؛ إذ التقدير حينئذ : فليس منهيّها بقاصر عنك مأمورها.
وقد أجيب عن الثاني بأنه لما كان الضمير في «مأمورها» عائدا على الأمور كان كالعائد على المنهيّات ، لدخولها في الأمور.
واعلم أنّ الزمخشريّ ممن منع العطف المذكور ، ولهذا اتّجه له أن يسأل في قوله تعالى : (وَالشَّمْسِ وَضُحاها (١) وَالْقَمَرِ إِذا تَلاها) [الشمس : ١ ـ ٢] ، فقال : فإن قلت : نصب «إذا» معضل ؛ لأنك إذا جعلت الواوات عاطفة وقعت في العطف على عاملين ، يعني أنّ «إذا» عطف على «إذا» المنصوبة بـ «أقسم» ، والمخفوضات عطف على «الشمس» المخفوضة بواو القسم ؛ قال : وإن جعلتهنّ للقسم وقعت فيما اتّفق الخليل وسيبويه على استكراهه ، يعني أنهما استكرها ذلك لئلّا يحتاج كل قسم إلى جواب يخصّه ، ثم أجاب بأن فعل القسم لما كان لا يذكر مع واو القسم بخلاف الباء صارت كأنها هي الناصبة الخافضة ، فكان العطف على معمولي عامل.
__________________
(١) البيتان من المتقارب ، وهما للأعور الشني في خزانة الأدب ٤ / ١٣٦ ، وشرح أبيات سيبويه ١ / ٢٣٨ ، وشرح شواهد المغني ١ / ٤٢٧ ، والكتاب ١ / ٦٤.