لأنه نفسه في المعنى ؛ وقيل : هو على تقدير مضاف إلى الياء ، أي : يرى مصابي ، والمصاب حينئذ مصدر ، كقولهم : «جبر الله مصابك» أي : مصيبتك ، أي : يرى مصابي هو المصاب العظيم ؛ ومثله في حذف الصفة : (الْآنَ جِئْتَ بِالْحَقِ) [البقرة : ٧١] أي : الواضح ، وإلا لكفروا بمفهوم الظرف (فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَزْناً) [الكهف : ١٠٥] أي : نافعا ، لأن أعمالهم توزن ، بدليل : (وَمَنْ خَفَّتْ مَوازِينُهُ) [الأعراف : ٩] و [المؤمنون : ١٠٣] الآية ؛ وأجازوا «سير يزيد سير» بتقدير الصفة ، أي واحد ، وإلّا لم يفد ؛ وزعم ابن الحاجب أن الإنشاد «لو أصيب» بإسناد الفعل إلى ضمير «الصديق» ، وإنّ «هو» توكيد له ، أو لضمير «يرى» ، قال : إذ لا يقول عاقل : يراني مصابا إذا أصابتني مصيبة ، ا ه. وعلى ما قدّمناه من تقدير الصفة لا يتّجه الاعتراض ؛ ويروى «يراه» أي يرى نفسه ، و «تراه» بالخطاب ، ولا إشكال حينئذ ولا تقدير ، والمصاب حينئذ مفعول لا مصدر. ولم يطّلع على هاتين الروايتين بعضهم فقال : ولو أنه قال : «يراه» لكان حسنا ، أي : يرى الصديق نفسه مصابا إذا أصيب.
المسألة الثانية : في فائدته ، وهي ثلاثة أمور :
أحدها لفظيّ ، وهو الإعلام من أول الأمر بأن ما بعده خبر لا تابع ، ولهذا سمّي فصلا ، لأنه فصل بين الخبر والتابع ، وعمادا ، لأنه يعتمد عليه معنى الكلام. وأكثر النحويين يقتصر على ذكر هذه الفائدة ، وذكر التابع أولى من ذكر أكثرهم الصفة ، لوقوع الفصل في نحو : (كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ) [المائدة : ١١٧] ، والضمائر لا توصف.
والثاني معنويّ ، وهو التّوكيد ، ذكره جماعة ، وبنوا عليه أنه لا يجامع التوكيد ، فلا يقال : «زيد نفسه هو الفاضل» ، وعلى ذلك سمّاه بعض الكوفيّين دعامة ، لأنه يدعم به الكلام ، أي : يقوّى ويؤكّد.
والثالث معنوي أيضا ، وهو الاختصاص ، وكثير من البيانيّين يقتصر عليه ؛ وذكر الزمخشريّ الثلاثة في تفسير (وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) [البقرة : ٥] وغيرها ، فقال : فائدته الدلالة على أن الوارد بعده خبر لا صفة ، والتوكيد ، وإيجاب أن فائدة المسند ثابتة للمسند إليه دون غيره.
المسألة الثالثة : في محله.
زعم البصريون أنه لا محلّ له ، ثم قال أكثرهم : إنه حرف ، فلا إشكال ، وقال الخليل : اسم ، ونظيره على هذا القول أسماء أفعال فيمن يراها غير معمولة لشيء ، و «أل»