بسببها ، وحقيقته أصدر الزلّة عنها ؛ ومثله : (وَما فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي) [الكهف : ٨٢] وإن كان للجنّة فالمعنى نحّاهما عنها.
الخامس : مرادفة «بعد» ، نحو : (عَمَّا قَلِيلٍ لَيُصْبِحُنَّ نادِمِينَ) [المؤمنون : ٤٠] ، (يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَواضِعِهِ) [النساء : ٤٦ ، والمائدة : ١٣] ، بدليل أنّ في مكان آخر (مِنْ بَعْدِ مَواضِعِهِ) [المائدة : ٤١] ، ونحو : (لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ) (١٩) [الانشقاق : ١٩] ، أي : حالة بعد حالة ، وقال [من الرجز] :
٢٠ ـ ومنهل وردته عن منهل |
|
[قفر به الأعطان لم تسهّل] |
السادس : الظرفيّة ، كقوله [من الطويل] :
______________________________________________________
عنهما ومثله وما فعلته عن أمري) أي : وما أصدرت ما فعلته عن اجتهادي ورأيي ، وإنما فعلته بأمر الله تعالى (وإن كان للجنة فالمعنى نحاهما عنها) وأذهبهما كما تقول : زل عن مرتبته وزل عني ذاك ، إذا ذهب عنك.
(والخامس) من معانيها (مرادفة بعد) وإطلاق القول بالمرادفة مشكل ؛ لأن بعد اسم بقين فلو رادفتها عن لكانت اسما إذ لا مرادفة بين كلمتين من نوعين ، ولو كانت اسما لامتنع عن هذا المعنى عن الحرفية (نحو (عَمَّا قَلِيلٍ لَيُصْبِحُنَّ نادِمِينَ) [المؤمنون : ٤]) أي : بعد قليل ونحو ((يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَواضِعِهِ) [النساء : ٤٦] بدليل أن في مكان آخر من بعد مواضعه) فدل على أن عن في الآية الأولى بمعنى بعد الواقعة في الثانية ، وهذا لا يدل على المدعى لثبوت الفرق بين الموضعين ، فمعنى الأولى مجرد الإمالة والإزالة عن مواضعه بتفسيره على غير ما أنزل ، وتأويله بالتأويلات الباطلة ومعنى الثاني إمالته عن مواضعه التي وضعه الله فيها بمحوه منها ، فيتركونه بغير مواضع بعد أن كان في مواضع (ونحو (لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ) (١٩) [الانشقاق : ١٩] أي : حالة بعد حالة) وهذا أيضا قابل للتخريج على وجه يفي به عن على معناها بأن يكون التقدير : لتركبن طبقا متجاوزا في الشدة عن طبق آخر دونه ، فيكون كل طبق أعظم في الشدة مما قبله (وقال
ومنهل وردته عن منهل) (١)
وهذا أيضا يمكن تخريجه على أن يكون المعنى وردته صادرا عن منهل آخر وهو ظاهر.
(والسادس) من معانيها (الظرفية كقوله :
__________________
(١) الشطر من البحر الرجز ، وهو للعجاج في ديوانه ١ / ٢٤١ بلفظ : بمنهل تجبينه عن منهل ، وبلا نسبة في لسان العرب ١١ / ٧١٩ (وأل) ، والمخصص ١٤ / ٦٧. ا ه. انظر : المعجم المفصل في شواهد اللغة العربية ١١ / ٤٥٣.