أن «أحببت» من «أحبّ البعير إحبابا» إذا برك فلم يثر ؛ فـ «عن» متعلّقة به باعتبار معناه التضمّني ، وهي على حقيقتها ، أي إني تثبطت عن ذكر ربي ، وعلى هذا فـ «حبّ الخير» مفعول لأجله.
الرابع : التعليل ، نحو : (وَما كانَ اسْتِغْفارُ إِبْراهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ) [التوبة : ١١٤] ، ونحو : (وَما نَحْنُ بِتارِكِي آلِهَتِنا عَنْ قَوْلِكَ) [هود : ٥٣] ؛ ويجوز أن يكون حالا من ضمير «تاركي» أي : ما نتركها صادرين عن قولك ، وهو رأي الزمخشري ؛ وقال في (فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطانُ عَنْها) [البقرة : ٣٦] : إن كان الضمير للشّجرة فالمعنى حملهما على الزلّة
______________________________________________________
بالتصغير وهاء التأنيث (أن أحببت من أحب البعير أحبابا ؛ إذا برك فلم يثر ، فعن متعلقة به باعتبار معناه التضمني) وهو التثبط (وهي على حقيقتها) وهو معنى المجاوزة (أي إني تثبطت عن ذكر ربي) وشغلت عنه (وعلى هذا فحب الخير مفعول لأجله) ونقل الزمخشري هذا القول ولم يرتضه قال في «الكشاف» أحببت مضمن معنى فعل يتعدى بعن ، كأنه قال : أثبت حب الخير عن ذكر ربي أو جعلت حب الخير مجزيا ، أو مغنيا عن ذكر ربي ، وذكر أبو الفتح الهمداني في كتاب «التبيان» أن أحببت بمعنى لزمت من قوله مثل بعير السوء إذا حبا ، وليس بذاك والخير المال كقوله تعالى : (إِنْ تَرَكَ خَيْراً) [البقرة : ١٨٠](وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ) (٨) [العاديات : ٨] والمال الخيل التي شغلته أو سمي الخيل خيرا كأنها نفس الخير لتعلق الخير بها قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة» (١) وقال في زيد الخيل حين قدم عليه وأسلم «ما وصف لي رجل فرأيته إلا كان دون ما بلغني إلا زيد الخيل» (٢) وسماه زيد الخير ، وسأل رجل بلالا رضي الله تعالى عنه عن قوم يستبقون من السابق منهم؟ فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال له : الرجل أردت الخيل فقال : وإنما أردت الخير ، إلى هنا كلامه.
(والرابع) من معاني عن (التعليل نحو : (وَما كانَ اسْتِغْفارُ إِبْراهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ) [التوبة : ١١٤]) أي : لأجل موعدة ويحتمل أن يكون المعنى إلا صادرا عن موعدة (ونحو : (وَما نَحْنُ بِتارِكِي آلِهَتِنا عَنْ قَوْلِكَ) [هود : ٥٣] ويجوز أن يكون حالا من ضمير تاركي أي : ما نتركها صادرين عن قولك ، وهو رأي الزمخشري وقال في فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطانُ عَنْها) (فَأَخْرَجَهُما مِمَّا كانا فِيهِ) [البقرة : ٣٦] (إن كان الضمير للشجرة فالمعنى حملهما على الزلة بسببها ، وحقيقته أصدر الزلة
__________________
(١) أخرجه البخاري ، كتاب الجهاد والسير ، باب الجهاد ماض مع البر والفاجر (٢٨٥٢) ، ومسلم ، كتاب الإمارة ، باب الخيل في نواصيها الخير .. (١٨٧٣) ، والترمذي ، كتاب فضائل الجهاد ، باب ما جاء في فضل من ارتبط فرسا .. (١٦٣٦) ، وأحمد (٥٠٨٣).
(٢) ذكره ابن هشام في السير النبوية ٥ / ٢٧٤.