الثاني عشر : كونه مطاوعا لمتعدّ إلى واحد ، نحو : «كسرته فانكسر» ، و «أزعجته فانزعج».
فإن قلت : قد مضى عدّ «انفعل».
قلت : نعم ، لكن تلك علامة لفظيّة وهذه معنوية ، وأيضا فالمطاوع لا يلزم وزن «انفعل» ، تقول : «ضاعفت الحسنات فتضاعفت» ، و «علّمته فتعلّم» ، و «ثلمته فتثلّم» ، وأصله أن المطاوع ينقص عن المطاوع درجة كـ «ألبسته الثوب فلبسه» ، و «أقمته فقام» ؛ وزعم ابن برّي أن الفعل ومطاوعه قد يتّفقان في التعدّي لاثنين ، نحو : «استخبرته الخبر فأخبرني الخبر» ، و «استفهمته الحديث فأفهمني الحديث» ، و «استعطيته درهما فأعطاني درهما» ؛ وفي التعدّي لواحد ، نحو : «استفتيته فأفتاني» ، و «استنصحته فنصحني» ؛ والصّواب ما قدّمته لك ، وهو قول النحويّين ، وما ذكره ليس من باب المطاوعة ، بل من باب الطلب والإجابة ، وإنما حقيقة المطاوعة أن يدل أحد الفعلين على تأثير ويدل الآخر على قبول فاعله لذلك التأثير.
الثالث عشر : أن يكون رباعيّا مزيدا فيه ، نحو : «تدحرج» ، و «احرنجم» و «اقشعرّ» و «اطمأنّ».
الرابع عشر : أن يضمّن معنى فعل قاصر ، نحو قوله تعالى : (وَلا تَعْدُ عَيْناكَ عَنْهُمْ) [الكهف : ٢٨] ، (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ) [النور : ٦٣] ، (أَذاعُوا بِهِ) [النساء : ٨٣] ، (وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي) [الأحقاف : ١٥] ، (لا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلى) [الصافات : ٨] ، وقولهم : «سمع الله لمن حمده» ، وقوله [من الطويل] :
٦٨١[وإن تعتذر بالمحل من ذي ضروعها |
|
إلى الضّيف] يجرح في عراقيبها نصلي (١) |
فإنها ضمّنت معنى و «لا تنب» ، و «يخرجون» ، و «تحدثوا» ، و «بارك» ، و «لا يصغون» ، و «استجاب» ، و «يعث» أو «يفسد».
والستة الباقية أن يدل على سجية كـ «لؤم» ، و «جبن» ، و «شجع» ، أو على عرض كـ «فرح» و «بطر» ، و «أشر» ، و «حزن» ، و «كسل» ، أو على نظافة كـ «طهر» و «وضؤ» ، أو
__________________
(١) البيت من الطويل ، وهو لذي الرمة في ديوانه ص ١٥٦ ، وأساس البلاغة ص ٢٩٦ مادة / عذر / وخزانة الأدب ٢ / ١٢٨ ، وشرح شواهد المفصل ٢ / ٣٩ ، وبلا نسبة في خزانة الأدب ١٠ / ٢٣٣.