و «من» الداخلة على «عن» زائدة عند ابن مالك ، ولابتداء الغاية عند غيره. قالوا فإذا قيل : «قعدت عن يمينه» فالمعنى في جانب يمينه ، وذلك محتمل للملاصقة ولخلافها ، فإن جئت بـ «من» تعيّن كون «القعود» ملاصقا لأوّل الناحية.
والثاني : أن يدخل عليها «على» ، وذلك نادر ، والمحفوظ منه بيت واحد ، وهو قوله [من الطويل] :
٢٥ ـ على عن يميني مرّت الطّير سنّحا |
|
[وكيف سنوح واليمين قطيع؟] |
______________________________________________________
شماله ، قلنا : معنى على يمينه أنه تمكن من جهة اليمين تمكن المستعلي من المستعلى عليه ، ومعنى عن يمينه أنه جلس متجافيا عن صاحب اليمين منحرفا عن يمينه غير ملاصق له ، ثم كثر حتى استعمل في المتجافي وغيره ونحوه من المفعول به قولهم : رميت عن القوس وعلى القوس ومن القوس ؛ لأن السهم يبعد عنها ويستعليها إذا وضع على كبدها للرمي ويبتدي الرمي منهما ، وكذلك قالوا : جلست بين يديه وخلفه ؛ لأنهما ظرفان للفعل ومن بين يديه ومن خلفه ؛ لأن الفعل يقع في بعض الجهتين كما تقول : جئته من الليل تريد بعض الليل ، هذا كلامه وانظر قوله : إن المفعول فيه اختلفت فيه حروف التعدية كاختلافها في المفعول به فهو محل وتأمّل.
(ومن الداخلة على عن زائدة عند ابن مالك) ولكن يلزم زيادتها في الإيجاب داخلة على المعرفة ، وغير الأخفش من البصريين يأبون ذلك لكن ابن مالك يقول بمذهب الأخفش والكوفيين في المسألة (ولابتداء الغاية عند غيره ، قالوا : فإذا قيل قعدت عن يمينه فالمعنى في جانب يمينه ، وذلك محتمل للملاصقة ولخلافها ؛ فإن جئت بمن تعين كون القعود ملاصقا لأول الناحية) ؛ لأن ابتداء الغاية يقتضيه.
(والثاني) من المواضع التي تتعين فيها الاسمية (أن تدخل عليها على) فلا تكون حرفا ، لأن حرف الجر لا يدخل على مثله إلا للتأكيد في الضرورة ، وليس هذا منه (وذلك نادر والمحفوظ منه بيت واحد وهو قوله :
على عن يميني مرت الطير سنحا) (١)
ولم أر من أنشده تاما والسنح جمع سانح كركع وراكع ، والسانح ما ولاك ميامنه والبارح ما ولاك مياسره ، والعرب تتفاءل بالأول وتتشاءم بالثاني.
__________________
(١) صدر بيت من البحر الطويل ، عجزه : وكيف سنوح واليمين قطيع ، وهو بلا نسبة في الجنى الداني ص ٢٤٣ ، وخزانة الأدب ١٠ / ١٥٩ ، وشرح شواهد المغني ١ / ٤٤٠. ا ه ، انظر : المعجم المفصل في شواهد اللغة العربية ٤ / ٣٦٥.