الفصل وهو الخبر ، بخلاف فاعل الفعل. ومما يقطع به على بطلان مذهبهم قوله تعالى : (أَراغِبٌ أَنْتَ عَنْ آلِهَتِي) [مريم : ٤٦] ، وقول الشاعر [من الطويل] :
٧٢١ ـ خليليّ ما واف بعهدي أنتما |
|
[إذا لم تكونا لي على من أقاطع](١) |
فإن القول بأنّ الضمير مبتدأ كما زعم الزمخشريّ في الآية مؤدّ إلى فصل العامل من معموله بالأجنبيّ ، والقول بذلك في البيت مؤدّ إلى الإخبار عن الاثنين بالواحد.
ويجوز في نحو : «ما في الدار زيد» وجه ثالث عند ابن عصفور ، ونقله عن أكثر البصريين ، وهو أن يكون المرفوع اسما لـ «ما» الحجازيّة ، والظرف في موضع نصب على الخبريّة ، والمشهور وجوب بطلان العمل عند تقدّم الخبر ولو ظرفا.
مسألة ـ يجوز في نحو : «أخوه» من قولك : «زيد ضرب في الدار أخوه» أن يكون فاعلا بالظرف ، لاعتماده على ذي الحال وهو ضمير «زيد» المقدّر في «ضرب» ، وأن يكون نائبا عن فاعل «ضرب» على تقديره خاليا من الضمير ، وأن يكون مبتدأ خبره الظرف والجملة حال. والفرّاء والزمخشريّ يريان هذا الوجه شاذّا رديئا ، لخلوّ الجملة الاسمية الحاليّة من الواو ، ويوجبان الفاعلية في نحو : «جاء زيد عليه جبّة» ، وليس كما زعما ؛ والأوجه الثلاثة في قوله تعالى : (وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ) [آل عمران :
١٤٦] قيل : وإذا قرىء بتشديد «قتل» لزم ارتفاع «ربّيون» بالفعل ، يعني لأن التكثير لا ينصرف إلى الواحد ، وليس بشيء ؛ لأن «النبي» هنا متعدّد لا واحد ، بدليل «كأين» ، وإنما أفرد الضمير بحسب لفظها.
مسألة ـ «زيد نعم الرجل» يتعيّن في «زيد» الابتداء ؛ و «نعم الرّجل زيد» قيل : كذلك ؛ وعليهما فالرّابط العموم ، أو إعادة المبتدأ بمعناه ، على الخلاف في الألف واللام أللجنس هي أم للعهد ؛ وقيل : يجوز أن يكون خبرا لمحذوف وجوبا ، أي : الممدوح زيد. وقال ابن عصفور : يجوز فيه وجه ثالث وهو أن يكون حذف خبره وجوبا ، أي : زيد الممدوح ، وردّ بأنه لم يسدّ شيء مسدّه.
مسألة ـ «حبّذا زيد» يحتمل ـ على القول بأن «حبّ» فعل و «ذا» فاعل ـ أن يكون مبتدأ مخبرا عنه بـ «حبّذا» ، والرابط الإشارة ، وأن يكون خبرا لمحذوف ؛ ويجوز على
__________________
(١) البيت من الطويل ، وهو بلا نسبة في أوضح المسالك ١ / ١٨٩ ، وتخليص الشواهد ص ١٨١ ، والدرر ٢ / ٦٥ ، وشرح شواهد المغني ٢ / ٨٩٨.