ما يحتمل المصدريّة والحاليّة ـ «جاء زيد ركضا» ، أي : يركض ركضا ، أو عامله «جاء» على حدّ «قعدت جلوسا» ، أو التقدير : جاء راكضا ، وقول سيبويه ، ويؤيده قوله تعالى : (ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ) [فصلت : ١١] فجاءت الحال في موضع المصدر السابق ذكره.
ما يحتمل المصدريّة والحاليّة والمفعول لأجله ـ من ذلك (يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفاً وَطَمَعاً) [الرعد : ١٢] أي : فتخافون خوفا وتطمعون طمعا ؛ وابن مالك يمنع حذف عامل المصدر المؤكّد إلا فيما استثني ، أو : خائفين وطامعين ، أو لأجل الخوف والطمع ؛ فإن قلنا : «لا يشترط اتّحاد فاعلي الفعل والمصدر المعلّل» وهو اختيار ابن خروف فواضح ؛ وإن قيل باشتراطه فوجهه أنّ (يُرِيكُمُ) بمعنى : يجعلكم ترون ، والتعليل باعتبار الرؤية لا الإراءة ، أو الأصل إخافة وإطماعا ، وحذفت الزوائد.
وتقول : «جاء زيد رغبة» أي : يرغب رغبة ، أو : مجيء رغبة ، أو راغبا ، أو للرغبة ؛ وابن مالك يمنع الأوّل ، لما مرّ ؛ وابن الحاجب يمنع الثاني ، لأنه يؤدّي إلى إخراج الأبواب عن حقائقها ، إذ يصح في «ضربته يوم الجمعة» أن يقدر «ضرب» يوم الجمعة ؛ قلت : وهو حذف بلا دليل ، إذ لم تدع إليه ضرورة ، وقال المتنبي [من البسيط] :
٧٢٥ ـ أبلى الهوى أسفا يوم النّوى بدني |
|
[وفرّق الهجر بين الجفن والوسن](١) |
والتقدير : آسف أسفا ، ثم اعترض بذلك بين الفاعل والمفعول به ، أو إبلاء أسف أو لأجل الأسف ؛ فمن لم يشترط اتّحاد الفاعل فلا إشكال ؛ وأما من اشترطه فهو على إسقاط لام العلّة توسّعا ، كما في قوله تعالى : (وَيَبْغُونَها عِوَجاً) [الأعراف : ٤٥ ، هود ١٩] ، أو الاتّحاد موجود تقديرا : إما على أنّ الفعل المعلّل مطاوع «أبلى» محذوفا ، أي : فبليت أسفا ، ولا تقدير : فبلي بدني ؛ لأن الاختلاف حاصل ؛ إذ الأسف فعل النفس لا البدن ، أو لأن الهوى لما حصل بتسبّبه كان كأنه قال : «أبليت الهوى بدني».
ما يحتمل المفعول به والمفعول معه ، نحو : «أكرمتك وزيدا» يجوز كونه عطفا على المفعول وكونه مفعولا معه ، ونحو : «أكرمتك وهذا» يحتملهما وكونه معطوفا على الفاعل ، لحصول الفصل بالمفعول ؛ وقد أجيز في «حسبك وزيدا درهم» كون «زيد» مفعولا معه ، وكونه مفعولا به بإضمار «يحسب» ، وهو الصحيح ؛ لأنه لا يعمل في
__________________
(١) البيت من البسيط ، وهو للمتنبي ، في ديوانه ٤ / ٣١٧ ، وأمالي الحاجب ص ٦٤٨.