«أما أن جزاك الله خيرا» فيمن فتح الهمزة ، وإذا لم نلتزم قول الجمهور في وجوب كون اسم «أن» هذه ضمير شأن فلا استثناء بالنسبة إلى ضمير الشأن ، إذ يمكن أن يقدر : والخامسة أنها ، وأما أنك ، وأما (نُودِيَ أَنْ بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ) [النمل : ٨] فيجوز كون «أن» تفسيرية.
ومن الوهم في هذا الباب قول بعضهم في قوله تعالى : (وَانْظُرْ إِلَى الْعِظامِ كَيْفَ نُنْشِزُها) [البقرة : ٢٥٩] : إن جملة الاستفهام حال من «العظام» ، والصّواب أن «كيف» وحدها حال من مفعول «ننشز» ، وأن الجملة بدل من «العظام» ، ولا يلزم من جواز كون الحال المفردة استفهاما جواز ذلك في الجملة ؛ لأن الحال كالخبر وقد جاز بالاتّفاق ، نحو : «كيف زيد» ، واختلف في نحو : «زيد كيف هو» ، وقول آخرين إن جملة الاستفهام حال في نحو : «عرفت زيدا أبو من هو» وقد مرّ.
واعلم أن النظر البصريّ يعلّق فعله كالنّظر القلبيّ ، قال تعالى : (فَلْيَنْظُرْ أَيُّها أَزْكى طَعاماً) [الكهف : ١٩] ، وقال سبحانه وتعالى : (انْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ) [الإسراء : ٢١].
ومن ذلك قول الأمين المحلي فيما رأيت بخطّه : إن الجملة التي بعد الواو من قوله [من السريع] :
٧٦٠ ـ اطلب ولا تضجر من مطلب |
|
[فآفة الطّالب أن يضجرا](١) |
حالية ، وإن «لا» ناهية ؛ والصّواب أنّ الواو للعطف ، ثم الأصحّ أن الفتحة إعراب مثلها في «لا تأكل السمك وتشرب اللبن» لا بناء لأجل نون توكيد خفيفة محذوفة.
النوع التاسع : اشتراطهم لبعض الأسماء أن يوصف ، ولبعضها أن لا يوصف ، فمن الأول مجرور «ربّ» إذا كان ظاهرا ، و «أيّ» في النداء ، و «الجمّاء» في قولهم «جاؤوا الجمّاء الغفير» وما وطّىء به من خبر أو صفة أو حال ، نحو : «زيد رجل صالح» ، و «مررت بزيد الرجل الصّالح» ، ومنه : (بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ) [النمل : ٤٧] ، (وَلَقَدْ ضَرَبْنا لِلنَّاسِ فِي هذَا الْقُرْآنِ) [الروم : ٥٨] إلى قوله تعالى : (قُرْآناً عَرَبِيًّا) [يوسف : ٢] ، وقول الشاعر [من الطويل] :
__________________
(١) البيت من السريع ، وهو لبعض المولدين في الدرر ٤ / ١٢ ، وشرح التصريح ١ / ٣٨٩ ، وبلا نسبة في أوضح المسالك ٢ / ٣٤٧ ، وشرح الأشموني ١ / ٢٥٦.