تعالى : (فَقُلْنا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِها كَذلِكَ يُحْيِ اللهُ الْمَوْتى) [البقرة : ٧٣] : إن التقدير : فضربوه فحيي فقلنا : كذلك يحيي الله ؛ وفي قوله تعالى : (أَنَا أُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِيلِهِ فَأَرْسِلُونِ) [يوسف : ٤٥] الآية : إن التقدير : فأرسلون إلى يوسف لاستعبره الرّؤيا ، فأرسلوه فأتاه وقال له : يا يوسف ؛ وفي قوله تعالى : (فَقُلْنَا اذْهَبا إِلَى الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا فَدَمَّرْناهُمْ) [الفرقان : ٣٦] ، إن التقدير : فأتياهم فأبلغاهم الرسالة فكذّبوهما فدمّرناهم.
تنبيه ـ الحذف الذي يلزم النحويّ النظر فيه هو ما اقتضته الصّناعة ، وذلك بأن يجد خبرا بدون مبتدأ أو بالعكس ، أو شرطا بدون جزاء أو بالعكس ، أو معطوفا بدون معطوف عليه ، أو معمولا بدون عامل ، نحو : (لَيَقُولُنَّ اللهُ) [العنكبوت : ٦١] ، ونحو : (قالُوا خَيْراً) [النحل : ٣٠] ، ونحو : «خير عافك الله». وأمّا قولهم في نحو : (سَرابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ) [النحل : ٨١] إن التّقدير : والبرد ، ونحو : (وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّها عَلَيَّ أَنْ عَبَّدْتَ بَنِي إِسْرائِيلَ) (٢٢) [الشعراء : ٢٢] إن التقدير : ولم تعبدني ، ففضول في فن النحو ، وإنما ذلك للمفسّر ؛ وكذا قولهم : يحذف الفاعل لعظمته وحقارة المفعول ، أو بالعكس ، أو للجهل به أو للخوف عليه أو منه أو نحو ذلك ، فإنّه تطفّل منهم على صناعة البيان ؛ ولم أذكر بعض ذلك في كتابي جريا على عادتهم ، وأنشد متمثّلا [من الطويل] :
٨٧٦ ـ وهل أنا إلّا من غزيّة : إن غوت |
|
غويت ، وإن ترشد غزيّة أرشد (١) |
بل لأني وضعت الكتاب لإفادة متعاطي التفسير والعربيّة جميعا ، وأما قولهم في «راكب النّاقة طليحان» : إنه على حذف عاطف ومعطوف ، أي : والناقة ، فلازم لهم ؛ ليطابق الخبر المخبر عنه ؛ وقيل : هو على حذف مضاف ، أي : أحد طليحين ، وهذا لا يتأتّى في نحو : «غلام زيد ضربتهما».
__________________
(١) البيت من البحر الطويل ، وهو لدريد بن الصمة في ديوانه ص ٤٧ ، والأصمعيات ص ١٠٧ ، والأغاني ١٠ / ٩ ، وخزانة الأدب ١١ / ٢٧٨ ، وبلا نسبة في جواهر الأدب ص ٣٦.