[البقرة : ١٩٦] ، (ثَلاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْناها بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً) [الأعراف : ١٤٢] ، وقسم يؤتى به لا ليضمّ بعضه إلى بعض ، وإنما يراد به الانفراد ، لا الاجتماع ، وهو الأعداد المعدولة كهذه الآية وآية سورةفاطر ، وقال : أي : منهم جماعة ذوو جناحين جناحين ، وجماعة ذوو ثلاثة ثلاثة ، وجماعة ذوو أربعة أربعة ؛ فكل جنس مفرد بعدد ، وقال الشاعر [من الطويل] :
٨٧٩ ـ ولكنّما أهلي بواد أنيسه |
|
ذئاب تبغّى النّاس مثنى وموحد (١) |
ولم يقولوا : «ثلاث» و «خماس» ويريدون : «ثمانية» ، كما قال تعالى : (ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذا رَجَعْتُمْ) [البقرة : ١٩٦] ، وللجهل بمواقع هذه الألفاظ استعملها المتنبي في غير موضع التقسيم ، فقال [من الوافر] :
٨٨٠ ـ أحاد أم سداس في أحاد |
|
لييلتنا المنوطة بالتّنادي (٢) |
وقال الزمخشري : فإن قلت : الذي أطلق للنّاكح في الجمع أن يجمع بين اثنين أو ثلاث أو أربع ، فما معنى التّكرير في مثنى وثلاث ورباع؟ قلت : الخطاب للجميع ، فوجب التّكرير ليصيب كلّ ناكح يريد الجمع ما أراده من العدد الذي أطلق له ؛ كما تقول للجماعة : اقتسموا هذا المال درهمين درهمين ، وثلاثة ثلاثة ، وأربعة أربعة ، ولو أفردت لم يكن له معنى. فإن قلت : لم جاء العطف بالواو ودون «أو»؟ قلت : كما جاء بها في المثال المذكور ، ولو جئت فيه بـ «أو» ولأعلمت أنه لا يسوغ لهم أن يقتسموه إلا على أحد أنواع هذه القسمة ، وليس لهم أن يجمعوا بينها فيجعلوا بعض القسمة على تثنية ، وبعضها على تثليث ، وبعضها على تربيع ؛ وذهب معنى تجويز الجمع بين أنواع القسمة الذي دلّت عليه الواو ؛ وتحريره أن الواو دلّت على إطلاق أن يأخذ الناكحون من أرادوا نكاحها من النساء على طريق الجمع ، إن شاؤوا مختلفين في تلك الأعداد ، وإن شاؤوا متفقين فيها ، محظورا عليهم ما وراء ذلك.
وأبلغ من هذه المقالة في الفساد قول من أثبت واو الثّمانية ، وجعل منها (سَبْعَةٌ وَثامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ) [الكهف : ٢٢] ، وقد مضى في باب الواو أن ذلك لا حقيقة له ، واختلف فيها هنا ، فقيل : عاطفة خبر هو جملة على خبر مفرد ، والأصل : هم سبعة وثامنهم
__________________
(١) تقدم تخريجه.
(٢) البيت من الطويل ، وهو لساعدة بن جؤبة الهذلي في لسان العرب ١٤ / ٧٦ مادة (بغا).