٨٩٠ ـ أنحويّ هذا العصر ما هي لفظة |
|
جرت في لساني جرهم وثمود |
٨٩١ ـ إذا استعملت في صورة الجحد أثبتت |
|
وإن أثبتت قامت مقام جحود (١) |
والصواب أن حكمها حكم سائر الأفعال في أنّ نفيها نفي وإثباتها إثبات ، وبيانه : أن معناها المقاربة ، ولا شكّ أن معنى «كاد يفعل» : قارب الفعل ، وأن معنى «ما كاد يفعل» : ما قارب الفعل ؛ فخبرها منفيّ دائما ، أما إذا كانت منفيّة فواضح ، لأنه إذا انتفت مقاربة الفعل انتفى عقلا حصول ذلك الفعل ، ودليله (إِذا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَراها) [النور : ٤٠] ، ولهذا كان أبلغ من أن يقال : «لم يرها» لأن من لم ير قد يقارب الرؤية ، وأما إذا كانت المقاربة مثبتة فلأن الإخبار بقرب الشّيء يقتضي عرفا عدم حصوله ، وإلا لكان الإخبار حينئذ بحصوله ، لا بمقاربة حصوله ؛ إذ لا يحسن في العرف أن يقال لمن صلّى : «قارب الصلاة» ، وإن كان ما صلى حتى قارب الصلاة ؛ ولا فرق فيما ذكرناه بين «كاد» و «يكاد» ؛ فإن أورد على ذلك (وَما كادُوا يَفْعَلُونَ) [البقرة : ٧١] مع أنهم قد فعلوا ؛ إذ المراد بالفعل الذبح ، وقد قال تعالى : (فَذَبَحُوها) [البقرة : ٧١] فالجواب أنه إخبار عن حالهم في أوّل الأمر ؛ فإنهم كانوا أولا بعداء من ذبحها ، بدليل ما يتلى علينا من تعنّتهم وتكرّر سؤالهم ؛ ولمّا كثر استعمال مثل هذا فيمن انتفت عنه مقاربة الفعل أولا ثم فعله بعد ذلك توهّم أن الفعل بعينه هو الدالّ على حصول ذلك الفعل بعينه ، وليس كذلك ، وإنما فهم حصول الفعل من دليل آخر كما فهم في الآية من قوله تعالى : (فَذَبَحُوها.)
التاسع عشر : قولهم في السين و «سوف» : حرف تنفيس ، والأحسن حرف استقبال ؛ لأنه أوضح ، ومعنى التّنفيس التوسيع ؛ فإن هذا الحرف ينقل الفعل عن الزمن الضيق ـ وهو الحال ـ إلى الزمن الواسع وهو الاستقبال.
وهنا تنبيهان ـ أحدهما : أن الزمخشري قال في (أُولئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللهُ) [التوبة : ٧١] : إن السّين مفيدة وجود الرحمة لا محالة ، فهي مؤكّدة للوعد ، واعترضه بعض الفضلاء بأن وجود الرحمة مستفاد من الفعل ، لا من السين ، وبأن الوجوب المشار إليه بقوله : «لا محالة» لا إشعار للسين به ؛ وأجيب بأن السين موضوعة للدّلالة على الوقوع مع التأخّر ،