٩٢٧ ـ يا صاح بلّغ ذوي الزّوجات كلّهم |
|
أن ليس وصل إذا انحلّت عرى الذّنب (١) |
قال الفرّاء : أنشدنيه أبو الجرّاح بخفض «كلّهم» ، فقلت له : هلا قلت : «كلّهم» ـ يعني بالنّصب ـ فقال : هو خير من الذي قلته أنا ، ثم استنشدته إيّاه ، فأنشدنيه بالخفض ، ولا يكون في النسق ؛ لأن العاطف يمنع من التجاور ؛ وقال الزمخشري : لما كانت «الأرجل» من بين الأعضاء الثلاثة مغسولة تغسل بصبّ الماء عليها كانت مظنّة الإسراف المذموم شرعا ، فعطف على الممسوح لا لتمسح ، ولكن لينبّه على وجوب الاقتصاد في صبّ الماء عليها ؛ وقيل (إِلَى الْكَعْبَيْنِ) فجيء بالغاية إماطة لظنّ من يظنّ أنها ممسوحة ؛ لأن المسح لم تضرب له غاية في الشريعة ، انتهى.
تنبيه ـ أنكر السيرافي وابن جنّي الخفض على الجوار ، وتأوّلا قولهم : «خرب» بالجرّ على أنه صفة لـ «ضبّ».
ثم قال السيرافي : الأصل : خرب الجحر منه ، بتنوين «خرب» ، ورفع «الجحر» ، ثم حذف الضمير للعلم به ؛ وحوّل الإسناد إلى ضمير «الضبّ» ، وخفض «الجحر» كما تقول : «مررت برجل حسن الوجه» بالإضافة ، والأصل : حسن الوجه منه ، ثم أتي بضمير «الجحر» مكانه لتقدّم ذكره فاستتر.
وقال ابن جنّي : الأصل : خرب جحره ، ثم أنيب المضاف إليه عن المضاف ، فارتفع واستتر.
ويلزمهما استتار الضمير مع جريان الصّفة على غير من هي له ، وذلك لا يجوز عند البصريّين وإن أمن اللبس ، وقول السيرافي : إن هذا مثل «مررت برجل قائم أبواه لا قاعدين» مردود ؛ لأن ذلك إنما يجوز في الوصف الثاني دون الأول على ما سيأتي.
ومن ذلك قولهم : «هنأني ومرأني» والأصل : أمرأني ، وقولهم : «هو رجس نجس» بكسر النون وسكون الجيم ، والأصل نجس بفتحة فكسرة ، كذا قالوا : وإنما يتمّ هذا أن لو كانوا لا يقولون هذا نجس بفتحة فكسرة ، وحينئذ فيكون محلّ الاستشهاد إنما هو الالتزام للتناسب ، وأمّا إذا لم يلتزم فهذا جائز بدون تقدّم رجس ؛ إذ يقال «فعل» بكسرة فسكون في كل «فعل» بفتحة فكسرة ، نحو : «كتف» ، و «لبن» ، و «نبق» ، وقولهم : «أخذه
__________________
(١) تقدم تخريجه.
(٢) البيت من البسيط ، وهو لأبي الغريب النصري في خزانة الأدب ٥ / ٩٠ ، والدرر ٥ / ٦٠ ، وبلا نسبة في الأشباه ـ والنظائر ٢ / ١١ ، وشرح شواهد المغني ص ٩٦٢ ، ولسان العرب ٢ / ٢٩٢ مادة / زوج /.