و «المشرقين» ، و «المغربين» ومثله «الخافقان» في المشرق والمغرب ، وإنما الخافق المغرب ؛ ثم إنما سمّي خافقا مجازا ، وإنما هو مخفوق فيه ؛ و «القمرين» في الشمس والقمر ، قال المتنبي [من الكامل] :
٩٣٢ ـ واستقبلت قمر السّماء بوجهها |
|
فأرتني القمرين في وقت معا (١) |
أي : الشمس وهو وجهها وقمر السماء. وقال التبريزيّ : يجوز أنه أراد قمرا وقمرا ؛ لأنه لا يجتمع قمران في ليلة كما أنه لا تجتمع الشمس والقمر. ا ه.
وما ذكرناه أمدح ، و «القمران» في العرف الشمس والقمر ؛ وقيل : إن منه قول الفرزدق [من الطويل] :
٩٣٣ ـ أخذنا بآفاق السّماء عليكم |
|
لنا قمراها والنّجوم الطوالع (٢) |
وقيل : إنما أراد محمّدا والخليل عليهما الصّلاة والسّلام ؛ لأن نسبه راجع إليهما بوجه ، وإن المراد بالنجوم الصّحابة ؛ وقالوا : «العمرين» في أبي بكر وعمر ؛ وقيل : المراد عمر بن الخطاب وعمر بن عبد العزيز ، فلا تغليب ، ويردّ بأنه قيل لعثمان رضياللهعنه : نسألك سيرة العمرين ؛ قال : نعم ؛ قال قتادة : أعتق العمران فمن بينهما من الخلفاء أمهّات الأولاد ، وهذا المراد به عمر وعمر ؛ وقالوا «العجاجين» في رؤبة والعجّاج ؛ و «المروتين» في الصّفا والمروة.
ولأجل الاختلاط أطلقت «من» على ما لا يعقل في نحو : (فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى بَطْنِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى رِجْلَيْنِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى أَرْبَعٍ) [النور : ٤٥] فإن الاختلاط حاصل في العموم السابق في قوله تعالى : (كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ ماءٍ) [النور : ٤٥] ، وفي (مَنْ يَمْشِي عَلى رِجْلَيْنِ) اختلاط آخر في عبارة التفصيل ؛ فإنه يعمّ الإنسان والطائر ؛ واسم المخاطبين على الغائبين في قوله تعالى : (اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) [البقرة : ٢١] لأن «لعلّ» متعلّقة بـ «خلقكم» لا بـ «اعبدوا» ؛ والمذكرين على المؤنث حتى عدّت منهم في (وَكانَتْ مِنَ الْقانِتِينَ) [التحريم : ١٢] ، والملائكة على إبليس حتى استثني منهم في (فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ) [البقرة : ٣٤] وغيرها ؛ قال الزمخشري : والاستثناء متّصل ، لأنه واحد من بين أظهر
__________________
(١) البيت من الكامل ، وهو للمتنبي في ديوانه ٢ / ٤ ، ومغني اللبيب ٢ / ٦٨٧.
(٢) البيت من البحر الطويل ، وهو للفرزدق في ديوانه ١ / ٤١٩ ، والأشباه والنظائر ٥ / ١٠٧ ، وخزانة الأدب ٤ / ٣٩١ ، وبلا نسبة في لسان العرب مادة (شرق).