والثاني : أن الخبر قد ظهر مرفوعا في قوله [من الطويل] :
٣٥ ـ فقلت عساها نار كأس وعلّها |
|
تشكّى فآتي نحوها فأعودها |
والثالث : أنها باقية على إعمالها عمل «كان» ، ولكن قلب الكلام ، فجعل المخبر عنه خبرا وبالعكس ، قاله المبرّد والفارسيّ ، وردّ باستلزامه في نحو قوله [من الرجز] :
[تقول بنتي : قد أنى أناكا |
|
يا أبتا علّك أو عساكا |
الاقتصار على فعل ومنصوبه ، ولهما أن يجيبا بأن المنصوب هنا مرفوع في المعنى ، إذ مدّعاهما أن الإعراب قلب والمعنى بحاله.
______________________________________________________
رفع ، وإنما ضمير الرفع الذي هو التاء أبدل كافا على حد الإبدال المعروف عند أهل التصريف ، وحينئذ فلا دليل في البيت للأخفش.
(والثاني أن الخبر قد ظهر مرفوعا في قوله :
فقلت عساها نار كأس وعلها |
|
تشكي فآتي نحوها وأعودها) (١) |
ووجه الرد أن ضمير النصب لو كانت مستعارا لضمير الرفع لزم أن يكون الواقع بعد ذلك منصوبا ، لكونه الخبر فظهور رفعه يبطل القول بالاستعارة المذكورة ، وإنما يتأتى ذلك على ما قاله سيبويه فيكون عساها نار كأس ، مثل لعلها جارية زيد ، قلت : والبيت يحتمل وجهين :
أحدهما أن يكون نار كأس اسم عسى ، والضمير المنصوب خبرها ولا استعارة.
والثاني أن يكون ضمير النصب نائبا عن ضمير الرفع وهو مثل عسى زيد قائم ، على ما حكاه ثعلب كما سيجيء قريبا وعلى كلا الوجهين لا يتم الرد.
(و) المذهب (الثالث أنها باقية على إعمالها عمل كان) الناقصة (ولكن قلب الكلام فجعل المخبر عنه) الذي كان حقه الرفع (خبرا) فنصب (و) أتى (بالعكس) فجعل الخبر الذي كان حقه النصب مخبرا عنه فرفع (قاله المبرد والفارسي ، باستلزامه في نحو قوله :
يا أبتاه علك أو عساكا (٢)
الاقتصار على فعل ومنصوبه) وإنما يقع الاقتصار على الفعل ومرفوعه (ولهما أن يجيبا بأن المنصوب هنا مرفوع في المعنى ؛ إذ مدعاهما أن الإعراب قلب والمعنى بحاله) على أن الفارسي
__________________
(١) البيت من البحر الطويل ، وهو لصخر بن جعد الخضري في الدرر اللوامع ٢ / ١٥٩ ، وشرح التصريح ١ / ٢١٣ ، وبلا نسبة في أوضح المسالك ١ / ٣٢٩ ، والجنى الداني ص ٤٦٩ ا ه ، انظر : المعجم المفصل في شواهد اللغة العربية ٢ / ٢٨٦.
(٢) تقدم تخريجه.