سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ) [يوسف : ٧٧] ، ونحو : (إِنْ كانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الْكاذِبِينَ وَإِنْ كانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِنَ الصَّادِقِينَ) (٢٧) [يوسف : ٢٦ ـ ٢٧] ، و «قد» هنا مقدّرة ، وإمّا مجازا نحو : (وَمَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ) [النمل : ٩٠] نزل هذا الفعل لتحقّق وقوعه منزلة ما وقع.
الخامسة : أن تقترن بحرف استقبال ، نحو : (مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ) [المائدة : ٥٤] ، ونحو : (وَما يَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَرُوهُ) [آل عمران : ١١٥].
السادسة : أن تقترن بحرف له الصّدر ، كقوله [من الوافر] :
٥٤ ـ فإن أهلك فذي لهب لظاه |
|
عليّ تكاد تلتهب التهابا (١) |
لما عرفت من أن «ربّ» مقدّرة ، وأنها لها الصّدر ، وإنما دخلت في نحو : (وَمَنْ عادَ فَيَنْتَقِمُ اللهُ مِنْهُ) [المائدة : ٩٥] لتقدير الفعل خبرا لمحذوف ؛ فالجملة اسمية.
وقد مر أن «إذا» الفجائية قد تنوب عن الفاء نحو : (وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذا هُمْ يَقْنَطُونَ) [الروم : ٣٦] ، وأن الفاء قد تحذف للضرورة كقوله [من البسيط] :
٥٥ ـ من يفعل الحسنات الله يشكرها |
|
[والشّرّ بالشّرّ عند الله مثلان](٢) |
وعن المبرّد أنه منع ذلك حتّى في الشعر ، وزعم أن الرواية :
من يفعل الخير فالرّحمن يشكره
وعن الأخفش أن ذلك واقع في النّثر الفصيح ، وأن منه قوله تعالى : (إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوالِدَيْنِ) [البقرة : ١٨٠] وتقدّم تأويله.
وقال ابن مالك : يجوز في النثر نادرا ، ومنه حديث اللّقطة : «فإن جاء صاحبها وإلا استمتع بها».
تنبيه ـ كما تربط الفاء الجواب بشرطه كذلك تربط شبه الجواب بشبه الشرط ، وذلك في نحو : «الذي يأتيني فله درهم» ، وبدخلوها فهم ما أراده المتكلّم من ترتّب لزوم الدرهم على الإتيان ، ولو لم تدخل احتمل ذلك وغيره.
وهذه الفاء بمنزلة لام التّوطئة في نحو : (لَئِنْ أُخْرِجُوا لا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ) [الحشر : ١٢] في
__________________
(١) البيت من البحر الوافر ، وهو لربيعة من مقروم في خزانة الأدب ١٠ / ٢٦ ، ٢٨ وشرح شواهد المغني ص ٤٦٦ ، وبلا نسبة في مغني اللبيب ص ١٦٤.
(٢) البيت من البحر البسيط ، وهو للحطيئة في ديوانه ص ١٠٩ والخصائص ٢ / ٤٨٩ ، وتاج العروس مادة (الفاء).