إيذانها بما أراده المتكلّم من معنى القسم ، وقد قرىء بالإثبات والحذف قوله تعالى : (وَما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ) [الشورى : ٣٠].
الثالث : أن تكون زائدة دخولها في الكلام كخروجها ، وهذا لا يثبته سيبويه ، وأجاز الأخفش زيادتها في الخبر مطلقا ، وحكى «أخوك فوجد» وقيّد الفراء والأعلم وجماعة الجواز بكون الخبر أمرا أو نهيا ؛ فالأمر كقوله [من الطويل] :
٥٦ ـ وقائلة : خولان فانكح فتاتهم |
|
[وأكرومة الحيّين خلو كما هيا](١) |
وقوله [من الخفيف] :
٥٧ ـ أرواح مودّع أم بكور |
|
أنت فانظر لأيّ ذاك تصير (٢) |
وحمل عليه الزّجاج (هذا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ) [ص : ٥٧] ، والنهي نحو : «زيد فلا تضربه» وقال ابن برهان : تزاد الفاء عند أصحابنا جميعا كقوله [من الكامل] :
٥٨ ـ [لا تجزعي إن منفس أهلكته] |
|
فإذا هلكت فعند ذلك فاجزعي (٣) |
انتهى. وتأوّل المانعون قوله : «خولان فانكح» على أن التقدير : هذه خولان ، وقوله : «أنت فانظر» على أن التقدير : انظر فانظر ، ثم حذف «انظر» الأول وحده فبرز ضميره فقيل : أنت فانظر ؛ والبيت الثالث ضرورة ، وأما الآية فالخبر (حَمِيمٌ) وما بينهما معترض ، أو (هذا) منصوب بمحذوف يفسره (فَلْيَذُوقُوهُ) مثل (وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ) [البقرة : ٤٠] وعلى هذا فـ «حميم» بتقدير : هو حميم.
ومن زيادتها قوله [من الكامل] :
٥٩ ـ لمّا اتّقى بيد عظيم جرمها |
|
فتركت ضاحي جلدها يتذبذب (٤) |
لأن الفاء لا تدخل في جواب «لمّا» ، خلافا لابن مالك ، وأما قوله تعالى : (فَلَمَّا
__________________
(١) البيت من البحر الطويل ، وهو بلا نسبة في أوضح المسالك ٢ / ١٦٣ ، وخزانة الأدب ١ / ٣١٥ ـ ٤٥٥ ولسان العرب ١٤ / ٢٣٩ مادة (خلا).
(٢) البيت من البحر الخفيف ، وهو لعدي بن زيد في ديوانه ص ٨٤ ، والأغاني ٢ / ١٢٦ ، والدرر ٢ / ٣٨ ، وبلا نسبة في تذكرة النحاة ص ٣٦٢ وخزانة الأدب ١ / ٣١٥.
(٣) البيت من البحر الكامل ، وهو للنمر بن تولب في ديوانه ص ٧٢ ، وخزانة الأدب ١ / ٣١٤ ، والأشباه والنظائر ٢ / ١٥١.
(٤) البيت من البحر الكامل ، وهو بلا نسبة في الأزهية ص ٢٤٨ ، وشرح شواهد المغني ص ٤٧٣.